[ إن الله لا يهدي القوم الكافرين ] أى إنما عليك البلاغ والله هو الذي يهدي من يشاء، فمن قضي له بالكفر لا يهتدي أبدا
[ قل يا اهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل ] أى قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى : لستم على شيء من الدين أصلا، حتى تعملوا بما في التوراة والإنجيل، وتقيموا أحكامهما على الوجه الأكمل، ومن إقامتهما الإيمان بمحمد (ص)
[ وما أنزل اليكم من ربكم ] قال ابن عباس : يعنى القرآن العظيم
[ وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل اليك من ربك طغيانا وكفرا ] اللام للقسم أى واقسم بربك ليزيدن هذا القرآن المنزل عليك يا محمد، الكثير منهم غلوا في التكذيب وجحودا لنبوتك واصرارا على الكفر والضلال
[ فلا تأس على القوم الكافرين ] أى لا تحزن عليهم، فإن تكذيب الأنبياء عادتهم ودأبهم.. وهذه تسلية للنبي (ص) وليس بنهي عن الحزن ثم قال تعالى
[ إن الذين آمنوا ] أى صدقوا الله ورسوله وهم المسلمون
[ والذين هادوا ] وهم اليهود
[ والصابئون ] وهم طائفة من النصارى عبدوا الكواكب
[ والنصارى ] وهم أتباع عيسى
[ من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا ] أى من آمن من هؤلاء المذكورين، إيمانا صحيحا خالصا، لا يشوبه إرتياب بالله وباليوم الآخر، وعمل صالحا يقربه من الله
[ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ] أى فلا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال يوم القيامة، ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم من الدنيا بعد معاينتهم جزيل ثواب الله. قال ابن كثير : والمقصود ان كل فرقة آمنت بالله واليوم الآخر وعملت عملا صالحا - ولا يكون ذلك كذلك حتى يوافق الشريعة المحمدية بعد إرسال صاحبها المبعوث الى جميع الثقلين - فمن اتصف بذلك فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه، ولا هم يحزنون على ما تركوه وراء ظهورهم
[ لقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل ] أى أخذنا من اليهود العهد المؤكد على الإيمان بالله ورسله، قال في البحر : هذا إخبار بما صدر من أسلاف اليهود، من نقد الميثاق الذي أخذه تعالى عليهم، وما
اجترحوه من الجرائم العظام، من تكذيب الأنبياء وقتل بعضهم، وهؤلاء أخلاف اولئك، فغير بدع ما يصدر منهم للرسول من الأذى والعصيان، اذ ذاك شنشنة من اسلافهم،
[ وأرسلنا اليهم رسلا ] اي أرسلنا لهم الرسل، ليرشدوهم ويبينوا لهم أمر الدين
[ كلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم ] اي كلما جاءهم رسول من اولئك الرسل، بما يخالف أهواءهم وشهواتهم
[ فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ] اي كذبوا طائفة من الرسل، ويقتلون طائفة أخرى منهم، قال البيضاوي : وانما جيء ب (يقتلون ) موضع " قتلوا " على حكاية الحالة الماضية، استحضارا لها، واستفظاعا للقتل، وتنبيها على إن ذلك من دينهم، ماضيا ومستقبلا، ومحافظة على رءوس الآى
[ وحسبوا أن لا تكون فتنة ] أى وظن بنو اسرائيل ان لا يصيبهم بلاء وعذاب، بقتل الأنبياء وتكذيب الرسل، اغترارا بإمهال الله عز وجل لهم
[ فعموا وصموا ] أي تمادوا في الغي والفساد فعموا عن الهدى، وصموا عن سماع الحق، وهذا على التشبيه بالأعمى والأصم، لإنه لا يهتدي الى طريق الرشد في الدين، لاعراضه عن النظر
[ ثم تاب الله عليهم ] قال القرطبي : في الكلام إضمار أى اوقعت بهم الفتنة فتابوا، فتاب الله عليهم
[ ثم عموا وصموا كثير منهم ] أى عمي كثير منهم وصم بعد تبين الحق له
[ والله بصير بما يعملون ] أى عليم بما عملوا، وهذا وعيد لهم وتهديد.. ثم ذكر تعالى عقائد النصارى الضالة في المسيح، فقال سبحانه