طلحة : إذهب فأهرقها فقال بعض القوم : قتل قوم وهي في بطونهم فأنزل الله [ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ].
التفسير :
[ لتجدن اشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ] اللام للقسم أى قسما بالله لتجدن يا محمد اليهود والمشركين، اشد الناس عداوة للمؤمنين
[ ولنجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ] نزلت في النجاشي ملك الحبشة وأصحابه، وصف الله شدة شكيمة اليهود، وصعوبة إجابتهم الى الحق، ولين عريكة النصارى وسهولة ميلهم الى الإسلام، وجعل اليهود قرناء المشركين في شدة العداوة للمؤمنين، بل نبه على زيادة عداوتهم بتقديمهم على الذين اشركوا
[ ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ] تعليل لقرب مودتهم أى كونهم أقرب مودة، بسبب إن منهم علماء وعبادا
[ وإنهم لا يستكبرون ] أى يتواضعون لوداعتهم ولا يتكبرون كاليهود، قال البيضاوي : وفيه دليل على أن التواضع، والإقبال على العلم والعمل والإعراض عن الشهوات، محمود وان كان من كافر
[ وإذا سمعوا ما أنزل الى الرسول ] أى اذا سمعوا القرآن المنزل على محمد رسول الله
[ ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ] اي تنهمر منها الدموع، من أجل معرفتهم إنه كلام الله وإنه حق
[ يقولون ربنا آمنا ] أى يقولون : يا ربنا صدقنا بنبيك وكتابك
[ فاكتبنا مع الشاهدين ] أى مع أمة محمد عليه السلام، الذين يشهدون على الأمم يوم القيامة، قال ابن عباس : نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه الذين حين تلا عليهم (جعفر بن أبى طالب ) بالحبشة القرآن، بكوا حتى اخضلوا لحاهم
[ وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ] أى ما الذي يمنعنا عن الإيمان ويصدنا عن إتباع الحق، وقد لاح لنا الصواب، وظهر الحق المنير ؟ قالوا ذلك في جواب من عيرهم بالإسلام من اليهود، قال في البحر : هذا انكار واستبعاد لإنتفاء الإيمان منهم، مع قيام موجبه وهو عرفان الحق
[ ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين ] أى والحال إننا نطمع أن يدخلنا ربنا الجنة، بصحبة الصالحين من عباده الأبرار
[ فأثابهم الله بما قالوا ] أى جازاهم على إيمانهم وتصديقهم وإعترافهم بالحق
[ جنات تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها ] أى ماكثين فيها أبدا، لا يحولون عنها ولا يزولون
[ وذلك جزاء المحسنين ] أى ذلك الأجر والثواب، جزاء من أحسن عمله وأصلح نينه.. ثم اخبر تعالى عن حال الأشقياء فقال سبحانه
[ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك اصحاب الجحيم ] أى جحدوا بآيات الله، وانكروا نبوة محمد(ص)، فهم اهل الجحيم المعذبون فيها، قال ابو السعود : وذكرهم بمقابلة المصدقين بآيات الله، جمعا بين الترغيب والترهيب
[ يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ] روى الطبري عن عكرمة قال : كان اناس من أصحاب النبى (ص) هموا بالخصاء وترك اللحم والنساء، فنزلت هذه الآية أى لا تمنعوا أنفسكم تلك اللذائذ وتقولوا حرمناها على انفسنا، مبالغة في تركها وتقشفا وتزهدا
[ ولا تعتدوا ] أى ولا تتعدوا حدود ما احل الله لكم، بتجاوز الحلال الى الحرام
[ إن الله لا يحب المعتدين ] أى يبغض المتجاوزين الحد، والإسلام يدعو الى القصد، بدون إفراط ولا تفريط، ولهذا قال سبحانه
[ وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا ] أى كلوا ما حل لكم وطاب مما رزقكم الله، قال في التسهيل : أى تمتعوا بالمأكل الحلال وبالنساء وغير ذلك، وإنما خص الأكل بالذكر، لإنه أعظم حاجات الانسان
[ واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون ] هذا استدعاء الى (التقوى) بألطف الوجوه كإنه يقول : لا تضيعوا إيمانكم، بالتقصير في طاعة الله عز وجل، فتكون عليكم الحسرة العظمى، فإن الإيمان بالله تعالى يوجب المبالغة في تقوى الله


الصفحة التالية
Icon