[ فاعلموا إنما على رسولنا البلاغ المبين ] أى ليس عليه هدايتكم، وإنما عليه تبليغكم الرسالة وجزاؤكم علينا، قال الطبري : وهذا من الله وعيد لمن تول عن أمره ونهيه، يقول تعالى ذكره لهم : فإن توليتم عن أمري ونهيي فتوقعوا عقابي، واحذروا سخطي وقال ابو حيان : وفي هذا من الوعيد البالغ ما لا خفاء به، اذ تضمن أن عقابكم انما يتولاه المرسل لا الرسول
[ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ] قال ابن عباس : لما نزل تحريم الخمر، قال قوم : كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر ؟ فنزلت الآية، وأخبر تعالى ان الإثم والذم، انما يتعلق بفعل المعاصي، والذين ماتوا قبل التحريم ليسوا بعاصين
[ إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ] أى ليس عليهم إثم فيما تناولوه من المأكول والمشروب، إذا إتقوا المحرم، وثبتوا على الإيمان والأعمال الصالحة
[ ثم اتقوا وآمنوا ] أى اتقوا المحرم وآمنوا بتحريمه، بمعنى : اجتنبوا ما حرمه الله معتقدين حرمته
[ ثم اتقوا واحسنوا ] أى ثم استمروا على تقوى الله واجتناب المحارم، وعملوا الأعمال الحسنة التي تقربهم من الله
[ والله يحب المحسنين ] أى يحب المتقربين اليه بالأعمال الصالحة، قال في التسهيل : كرر التقوى مبالغة، وقيل : الرتبة الأولى : إتقاء الشرك، والثانية : إتقاء المعاصي، والثالثة : إتقاء ما لا بأس به حذرا مما به البأس
[ يا ايها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشىء من الصيد تناله ايديكم ورماحكم ] أى ليختبرنكم الله في حال إحرامكم بالحج او العمرة، بشيء من الصيد، تنال صغاره الأيدي، وكباره الرماح، قال البيضاوي : نزلت في عام الحديبية، إبتلاهم الله سبحانه وتعالى بالصيد، وكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم، بحيث يتمكنون من صيدها أخذا بأيديهم وطعنا برماحهم وهم محرمون قال في البحر : وكان الصيد مما تعيش به العرب، وتتلذذ بإقتناصه، ولهم فيه الأشعار والأوصاف الحسنة
[ ليعلم الله من يخافه بالغيب ] أى ليتميز الخائف من الله بطريق الغيب لقوة إيمانه، ممن لا يخاف الله لضعف إيمانه
[ فمن إعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم ] أى فمن تعرض للصيد بعد هذا الإعلام والإنذار، فله عذاب مولم موجع
[ يا ايها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ] اي لا تقتلوا الصيد وانتم محرمون بحج او عمرة
[ ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ] أي من قتل الصيد في حالة الإحرام، فعليه جزاء يماثل ما قتل من النعم وهي (الإبل والبقر والغنم )
[ يحكم به ذوا عدل منكم ] أى يحكم بالمثل حكمان عادلان من المسلمين
[ هديا بالغ الكعبة ] أى حال كونه هديا ينحر، ويتصدق به على مساكين الحرم، فإن لم يكن للصيد مثل من النعم، كالعصفور والجراد فعليه قيمته
[ او كفارة طعام مساكين ] أى واذا لم يجد المحرم مثل ما قتل من النعم فيقوم الصيد المقتول، ثم يشترى به طعام فيصرف لكل مسكين مد منه
[ او عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره ] أي عليه مثل ذلك الطعام صياما يصومه، عن كل مد يوما، ليذوق سوء عاقبه هتكه لحرمة الإحرام ! قال في التسهيل : عدد تعالى ما يجب في قتل المحرم للصيد، فذكر أولا الجزاء من النعم، ثم الطعام، ثم الصيام، ومذهب مالك والجمهور أنها على التخيير، وهو الذي يقتضيه العطف ب (او) وعن ابن عباس أنها على الترتيب
[ عفا الله عما سلف ] أى من قتل الصيد قبل التحريم
[ ومن عاد فينتقم الله منه ] أى ومن عاد الى قتل الصيد وهو محرم، فينتقم الله منه في الآخرة
[ والله عزيز ذو انتقام ] أى غالب على أمره منتقم ممن عصاه
[ أحل لكم صيد البحر ] أى أحل لكم أيها الناس صيد البحر، سواء كنتم محرمين او غير محرمين


الصفحة التالية
Icon