[ وان تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم ] أى وان تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة، في زمان نزول الوحى، يظهر لكم تلك التكاليف التي تكرهونها، فلا تسالوا عنها ((وقال ابن عباس في تفسير الآية : لا تسألوا عن أشياء في ضمن الإخبار عنها مساءة لكم، إما لتكليف شرعي يلزمكم، واما لخبر يسوءكم مثل الذي قال أين أبي ؟ ولكن إذا نزل القران بشيء وابتدأكم ربكم بأمر فحينئذ إن سألتم عن بيانه بين لكم وأبدى!! نقلا عن تفسير البحر المحيط ))
[ عفا الله عنها ] اي عفا الله عن مسائلكم السالفة التي لا ضرورة لها، وتجاوز عن عقوبتكم الأخروية، فلا تعودوا الى مثلها
[ والله غفور حليم ] أى واسع المغفرة عظيم الفضل والاحسان، ولذلك عفا عنكم، ولم يعاجلكم بالعقوبة
[ قد سألها قوم من قبلكم ] أى سأل أمثال هذه المسائل قوم قبلكم، فلما أعطوها وفرضت عليهم كفروا بها، ولهذا قال
[ ثم أصبحوا بها كافرين ] أى صاروا بتركهم العمل بها كافرين، وذلك ان بني اسرائيل كانوا يستفتون انبياءهم عن اشياء، فاذا امروا بها تركوها فهلكوا
[ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ] كان أهل الجاهلية إذ أنتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا أذنها أى شقوها وحزموا ركوبها وهي (البحيرة)، وكان الرجل يقول : اذا قدمت عن سفري او برئت من مرضي قناقتي (سائبة)، وجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها، واذا ولدت الشاة انثى فهي لهم، وان ولدت ذكرا فهو لآلهتهم، وان ولدت ذكرا وأنثى قالوا : وصلت أخاها وهي (الوصيلة)، واذا انتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا : قد حمى ظهره وهو (الحام )، فلما جاء الاسلام أبطل هذه العادات كلها، فلا بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام،
[ ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ] أى ولكن الذين كفروا بالله، يختلقون الكذب على الله، وينسبون التحريم اليه، فيقولون : الله أمرنا بهذا، وأكثرهم لا يعقلون إن هذا إفتراء، لأنهم يقلدون فيه الأباء، ولهذا قال تعالى
[ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ] أى وإذا قيل لهؤلاء الضالين : هلموا الى حكم الله ورسوله فيما حللتم وحرمتم
[ قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ] أى يكفينا دين أبائنا
[ اولو كان أباوهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ] الهمزة للإنكار والغرض التوبيخ، أى أيتبعون آباءهم فيما هم عليه من الضلال، ولو كانوا لا يعلمون شيئا من الدين، ولا يهتدون الى الحق ؟
[ يا ايها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ] أى احفظوها عن ملابسة المعاصي، وا لإصرار على الذنوب، والزموا إصلاحها


الصفحة التالية
Icon