[ تمترون ] تشكون يقال امترى في الأمر إذا شك فيه
[ قرن ] القرن : الأمة المقترنة في مدة من الزمان، ومنه حديث " خير القرون قرني " وأصل القرن مائة سنة ثم أصبح يطلق على الأمة من الناس التي تعيش في ذلك العصر، قال الشاعر : إذا ذهب القرن الذي كنت فيهم وخلفت في قرني فأنت غريب
[ مدرارا ] غزيرة دائمة
[ قرطاس ] القرطاس : الصحيفة التى يكتب فيها
[ لبسنا ] خلطنا يقال لبست عليه الأمر أى خلطته عليه حتى اشتبه
[ حاق ] نزل بهم وأصابهم
[ وليا ] ناصرا ومعينا.
سبب النزول :
روي أن مشركى مكة قالوا : يا محمد والله لا نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله وأنك رسوله، فأنزل الله [ ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ].
التفسير :
[ الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ] بدأ تعالى هذه السورة بالحمد لنفسه، تعليما لعباده أن يحمدوه بهذه الصيغة، الجامعة لصنوف التعظيم والتبجيل والكمال، وإعلاما بأنه المستحق لجميع المحامد، فلا بدله ولا شريك، ولا نظير ولا مثيل ومعنى الآية : احمدوا الله ربكم المتفضل عليكم بصنوف الأنعام والإكرام، الذي أوجد وأنشأ وابتدع خلق السموات والأرض، بما فيهما من أنواع البدائع وأصناف الروائع، وبما اشتملا عليه من عجائب الصنعة وبدائع الحكمة، بما يدهش العقول وا لأفكار، تبصرة وذكرى لأولي الأبصار
[ وجعل الظلمات والنور ] أى وأنشا الظلمات وا لأنوار وخلق الليل والنهار يتعاقبان في الوجود لفائدة العوالم، بما لا يدخل تحت حصر أو فكر، وجمع الظلمات لأن شعب الضلال متعددة، ومسالكه متنوعة، وأفرد النور لأن مصدره واحد هو الرحمن منور الأكوان. قال في التسهيل : وفي الآية رد على المجوس في عبادتهم للنار وغيرها من الأنوار، وقولهم إن الخير من النور والشر من الظلمة، فإن المخلوق لا يكون إلها، ولا فاعلا لشيء من الحوادث
[ ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ] أى ثم بعد تلك الدلائل الباهرة والبراهين القاطعة على وجود الله ووحدانيته، يشرك الكافرون بربهم، فيسأوون به أصناما نحتوها بأيديهم، وأوهاما ولدوها بخيالهم، ففي ذلك تعجيب من فعلهم وتوبيخ لهم، قال ابن عطية : والآية دالة على قبح فعل الكافرين، لأن المعنى : أن خلقه السموات والأرض وغيرها قد تقرر، وآياته قد سطعت، وإنعامه بذلك قد تبين، ثم بعد هذا كله قد عدلوا بربهم فهذا كما تقول : يا فلان أعطيتك وأكرمتك وأحسنت إليك ثم تشتمنى ؟ أى بعد وضوح هذا كله
[ هو الذي خلقكم من طين ] أى خلق أباكم آدم من طين
[ ثم قضى أجلا ] أى حكم وقدر لكم أجلا من الزمن تموتون عند انتهائه
[ وأجل مسمى عنده ] أى وأجل آخر مسمى عنده لبعثكم جميعا، فالأجل الأول : الموت، والثاني : البعث والنشور
[ ثم أنتم تمترون ] أى ثم أنتم أيها الكفار تشكون في البعث وتنكرونه، بعد ظهور تلك الدلائل والبراهين القاطعة
[ وهو الله في السموات وفي الأرض ] أى هو الله المعظم المعبود في السموات والأرض. قال ابن كثير : أى يعبده ويوحده ويقر له بالألوهية من في السموات وا لأرض، ويدعونه رغبا ورهبا، ويسمونه (الله )
[ يعلم سركم وجهركم ] أى يعلم سركم وعلنكم
[ ويعلم ما تكسبون ] أى من خير أو شر، وسيجازيكم عليه.. ثم أخبر تعالى عن عنادهم وإعراضهم فقال
[ وما تأتيهم من آية من آيات ربهم ] أى ما يظهر لهم دليل من الأدلة، أو معجزة من المعجزات، أو آية من آيات القرآن


الصفحة التالية
Icon