[ قل إنما هو إله واحد ] أى قل يا محمد إنما أشهد بأن الله واحد أحد فرد صمد
[ وإننى بريء مما تشركون ] أى وأنا بريء من هذه الأصنام.. ثم ذكر تعالى أن الكفار بين جاهل ومعاند فقال
[ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ] يعني إليه ود والنصارى الذين عرفوا وعاندوا، يعرفون النبي (ص) بحليته ونعته، على ما هو مذكور في التوراة والإنجيل، كما يعرف الواحد منهم ولده، لا يشك في ذلك أصلا، قال الزمخشري : وهذا استشهاد لأهل مكة بمعرفة أهل الكتاب وبصحة نبوته
[ الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ] أي أولئك هم الخاسرون، لأنهم لم يؤمنوا بمحمد (ص) بعد وضوح الآيات
[ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته ] الاستفهام إنكاري ومعناه النفي، أى لا أحد أظلم ممن اختلق على الله الكذب، أو كذب بالقرآن والمعجزات الباهرة، وسماها سحرا، وكلمة [ أو ] للإيذان بأن كلا من الافتراء والتكذيب وحده، بالغ غاية الإفراط في الظلم، فكيف وهم قد جمعوا بينهما، فأثبتوا ما نفاه الله، ونفوا ما أثبته ! قاتلهم الله أنى يؤفكون
[ إنه لا يفلح الظالمون ] أى لا يفلح المفتري ولا المكذب، وفيه إشارة إلى أن مدعي الرسالة لو كان كاذبا، لكان مفتريا على الله، فلا يكون محلا لظهور المعجزات
[ ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا ] أى اذكر يوم نحشرهم جميعا للحساب، ونقول لهم على رءوس الأشهاد
[ أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ] أى أين آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله ؟ والمراد من الاستفهام التوبيخ و[ تزعمون ] أى تزعمونهم آلهة وشركاء مع الله، فحذف المفعولان، ولعله يحال بينهم وبين آلهتهم حينئذ ليفقدوها في الساعة التي علقوا بها الرجاء فيها
[ ثم لم تكن فتنتهم ] أى لم يكن جوابهم حين اختبروا بهذا السؤال ورأوا الحقائق
[ إلا ان قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ] أى أقسموا كاذبين بقولهم : والله يا ربنا ما كنا مشركين، قال القرطبي : تبرءوا من الشرك وانتفوا منه، لما رأوا من تجاوزه ومغفرته للمؤمنين، قال ابن عباس : يغفر الله لأهل الإخلاص ذنوبهم، فإذا رأى المشركون ذلك، قالوا تعالوا نقول : إتا كنا أهل ذنوب ولم نكن مشركين، فيختم على أفواههم وتنطق أيديهم، وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون
[ أنظر كيف كذبوا على أنفسهم ] أى أنظر يا محمد كيف كذبوا على أنفسهم، بنفي الإشراك عنها أمام علام الغيوب، وهذا للتعجيب من كذبهم الصريح
[ وضل عنهم ما كانوا يفترون ] أى تلاشى وبطل ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم، وغاب عنهم ما كانوا يفترونه على الله من الشركاء.. ثم وصف تعالى حال المشركين حين استماع القرآن فقال سبحانه
[ ومنهم من يستمع إليك ] أي ومن هؤلاء المشركين من يصغي إليك يا محمد حين تتلو القرآن
[ وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ] أى جعلنا على قلوبهم أغطية لئلا يفقهوا القرآن
[ وفي آذانهم وقرا ] أى ثقلا وصمما يمنع من السمع، قال ابن جزي : والمعنى أن الله حال بينهم وبين فهم القرآن إذا استمعوه، وعبر بالأكنة والوقر مبالغة
[ وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ] أى مهما رأوا من الآيات والحجج والبينات، لا يؤمنوا بها لفرط العناد
[ حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ] أى بلغوا من التكذيب والمكابرة، إلى أنهم إذا جاءوك مجادلين يقولون عن القرآن : ما هذا إلا خرافات وأباطيل الأولين
[ وهم ينهون عنه وينأون عنه ] أى هؤلاء المشركون المكذبون ينهون الناس عن القرآن، وعن اتباع محمد عليه السلام، ويبتعدون هم عنه


الصفحة التالية
Icon