[ وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون ] أى وما يهلكون بهذا الصنيع إلا أنفسهم وما يشعرون بذلك، قال ابن كثير : فهم قد جمعوا بين الفعلين القبيحين، لا ينتفعون، ولا يدعون أحدا ينتفع، ولا يعود وباله إلا عليهم وما يشعرون
[ ولو ترى إذ وقفوا على النار ] أى لو ترى يا محمد هؤلاء المشركين، حين عرضوا على النار، لرأيت أمرا عظيما تشيب لهوله الرءوس، قال البيضاوي : وجواب [ لو ] محذوف تقديره لرأيت أمرا شنيعا ) وإنما حذف ليكون أبلغ ما يقدره السامع
[ قالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ] أى تمنوا الرجوع إلى الدنيا ليعملوا عملا صالحا، ولا يكذبوا بآيات الله
[ ونكون من المؤمنين ] أى إذا رجعنا إلى الدنيا نصدق، ونؤمن بالله إيمانا صادقا، فتمنوا العودة ليصلحوا العمل ويتداركوا الزلل، قال تعالى ردا لذلك التمني
[ بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ] أى ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يخفون في الدنيا من عيوبهم وقبائحهم فتمنوا ذلك
[ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وأنهم لكاذبون ] أى لو ردوا على سبيل الفرض لأنه لا رجعة إلى الدنيا بعد الموت لعادوا إلى الكفر والضلال، وإنهم لكاذبون في وعدهم بالإيمان
[ وقالوا إن هي الا حياننا الدنيا وما نحن بمبعوثين ] أي قال أولئك الكفار الفجار : ما هي الا هذه الحياة الدنيا، ولا بعث ولا نشور
[ ولو ترى إذ وقفوا على ربهم ] أى لو ترى حالهم إذ حبسوا للحساب أمام رب العالمين، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده للعقاب، وجواب [ لو ] محذوف للتهويل من فظاعة الموقف
[ قال أليس هذا بالحق ] أى اليس هذا المعاد بحق ؟ والهمزة للتقريع على التكذيب
[ قالوا بلى وربنا ] أى قالوا بلى والله إنه لحق
[ قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ] أى ذوقوا العذاب بسبب كفركم في الدنيا وتكذيبكم رسل الله.. ثم أخبر تعالى عن هؤلاء الكفار فقال سبحانه
[ قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله ] أى لقد خسر هؤلاء المكذبون بالبعث
[ حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة ] أى حتى إذا جاءتهم القيامة فجأة، من غير أن يعرقوا وقتها، قال القرطبي : سميت القيامة بالساعة لسرعة الحساب فيها
[ قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ] أى قالوا يا ندامتنا على ما قصرنا وضيعنا في الدنيا من صالح الأعمال
[ وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ] أي والحال أنهم يحملون أثقال ذنوبهم على ظهورهم، قال البيضاوي : وهذا تمثيل لإستحقاقهم اصار الأثام وقال [ على ظهورهم ] لأن العادة حمل الأثقال على الظهور، قال ابن جزي : وهذا كناية عن تحمل الذنوب، وقيل : أنهم يحملونها على ظهورهم حقيقة، فقد روي أن الكافر يركبه عمله بعد أن يتمثل له في أقبح صورة، وأن المؤمن يركب عمله بعد أن يتمثل له في أحسن صورة
[ ألا ساء ما يزرون ] أى بئس ما يحملونه من الأوزار
[ وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو ] أى باطل وغرور، لقصر مدتها وفناء لذتها
[ وللدار الآخرة خير للذين يتقون ] أى الآخرة وما فيها من أنواع النعيم، خير لعباد الله المتقين من دار الفناء، لأنها دائمة لا يزول عنهم نعيمها، ولا يذهب عنهم سرورها
[ أفلا تعقلون ] أي أفلا تعقلون أن الآخرة خير من الدنيا ؟ ثم سلى تعالى نبيه لتكذيب قومه له فقال سبحانه
[ قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون ] أى قد أحطنا علما بتكذيبهم لك، وحزنك وتأسفك عليهم، قال الحسن : كانوا يقولون إنه ساحر وشاعر، وكاهن ومجنون