[ الضراء ] من الضر وهو البلاء، قال القرطبي : الباساء في الأموال، والضراء في الأبدان، هذا قول الاكثر
[ مبلسون ] المبلس : اليائس من الخير، من أبلس الرجل إذا يئس، ومنه " إبليس " لأنه أبلس من رحمة الله عز وجل
[ دابر ] الدابر : الآخر ودابر القوم : خلفهم من نسلهم، قال قطرب : يعني استؤصلوا وأهلكوا، قال الشاعر : فاهلكوا بعذاب حصق دابرهم فما استطاعوا له صرفا ولا انتصروا
[ يصدفون ] صدف عن الشيء أعرض عنه
[ تطرد ] الطرد : الإبعاد مع الاهانة
[ الفاصلين ] ا لحا كمين.
سبب النزول :
عن ابن مسعود قال : مر الملأ من قريش على رسول الله (ص) وعنده (صهيب، وخباب، وبلال، وعمار) وغيرهم من ضعغاء المسلمين، فقالوا يا محمد : أرضيت بهؤلاء من قومك ! أفنحن نكون تبعا لهم ! أهؤلاء الذين من الله عليهم ! اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم اتبعناك، فأنزل الله تعالى [ ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ] الآية
التفسير :
[ إنما يستجيب الذين يسمعون ] أى إنما يستجيب للإيمان الذين يسمعون سماع قبول وإصغاء، وهنا تم الكلام، ثم ابتدأ فقال
[ والموتى يبعثهم الله ] قال ابن كثير : يعنى بذلك الكفار لأنهم موتى القلوب، فشبههم الله بأموات الأجساد، وهذا من باب التهكم بهم والازراء عليهم (، وقال الطبري : يعني والكفار يبعثهم الله مع الموتى، فجعلهم تعالى ذكره في عداد الموتى الذين لا يسمعون صوتا، ولا يعقلون دعاء، ولا يفقهون قولا، إذ كانوا لا يتدبرون حجج الله، ولا يعتبرون بآياته، ولا يتذكرون فينزجرون عن تكذيب رسل الله
[ ثم إليه يرجعون ] أى ثم مرجعهم إلى الله فيجازيهم بأعمالهم
[ وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه ] أى قال كفار مكة : هلا نزل على محمد معجزة تدل على صدقه ؟ كالناقة، والعصا، والمائدة ؟ قال القرطبي : وكان هذا منهم تعنتا بعد ظهور البراهين، وإقامة الحجة بالقرآن، الذي عجزوا أن يأتوا بسورة من مثله
[ قل إن الله قادر على أن ينزل آية ] أى هو تعالى قادر على أن يأتيهم بما اقترحوا
[ ولكن أكثرهم لا يعلمون ] أى لا يعلمون إن إنزالها يستجلب لهم البلاء، لأنه لو أنزلها وقق ما طلبوا، ثم لم يؤمنوا، لعاجلهم بالعقوبة بعذاب الاستثصال، كما فعل بالأمم السابقة
[ وما من دابة في الأرض ] أى ما من حيوان يمشي على وجه الأرض
[ ولا طائر يطير بجناحيه ] أى ولا من طائر يطير في الجو بجناحيه
[ الا أمم أمثالكم ] أى إلا طوائف مخلوقة مثلكم، خلقها الله وقدر أحوالها وأرزاقها وأجالها، قال البيضاوي : والمقصود من ذلك الدلالة على كمال قدرته وشمول علمه وسعة تدبيره، ليكون كالدليل على أنه قادر على أن ينزل آية
[ ما فرطنا في الكتاب من شيء ] أى ما تركنا وما أغفلنا في القرآن شيئا من أمر الدين، مما يحتاج الناس إليه في أمورهم إلا بيناه، وقيل : إن المراد بالكتاب (اللوح المحفوظ ) ويكون المعنى : ما تركنا في اللوح المحفوظ شيئا فلم نكتبه
[ ثم إلى ربهم يحشرون ] أى يجمعون فيقضي بينهم، قال الزمخشري : يعني الأمم كلها من الدواب والطير، فيعرضها وينصف بعضها من بعض، كما روي أنه يأخذ للجماء من القرناء
[ والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات ] أى والذين كذبوا بالقرآن فهم (صم ) لا يسمعون كلام الله سماع قبول (بكم ) لا ينطقون بالحق، ثم هم خائطون في ظلمات الكفر، قال ابن كثير : وهذا مثل أى مثلهم في جهلهم، وقلة علمهم، وعدم فهمهم، كمثل أصم وهو الذي لا يسمع، أبكم وهو الذي لا يتكلم، وهو مع هذا في ظلمات لا يبصر، فكيف يهتدي مثل هذا إلى الطريق، أو يخرج مما هو قيه


الصفحة التالية
Icon