[ قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ] أى قل يا محمد لهؤلاء الكفرة الذين يقترحون عليك تنزيل الآيات، وخوارق العادات : لست أدعى أن خزائن الله مفوضة إلى حتى تقترحوا على تنزيل الآيات، ولا أدعي أيضا أني أعلم الغيب حتى تسألوني عن وقت نزول العذاب
[ ولا أقول لكم أني ملك ] أى ولست أدعي أني من الملائكة، حتى تكلفوني الصعود إلى السماء، وعدم المشي في الأسواق، وعدم الأكل والشرب، قال الصاوي : وهذه الآية نزلت حين قالوا له : إن كنت رسولا فأطلب من ربك أن يوسع علينا، ويغني فقرنا، وأخبزنا بمصالحنا ومضارنا ! ! فأخبرهم أن ذلك بيد الله سبحانه لا بيده. والمعنى : أني لا أدعي شيئا من هذه الأشياء الثلاثة، حتى تجعلوا عدم اجابتي إلى ذلك، دليلا على عدم صحة رسالتي
[ ان اتبع إلا ما يوحى إلى ] أى ما أتبع فيما أدعوكم إليه إلا وحي الله الذي يوحيه إلى
[ قل هل يستوي الأعمى والبصير ] أى هل يتساوى الكافر والمؤمن والضال والمهتدي ؟
[ افلا تتفكرون ] تقريع وتوببخ أى أتسمعون فلا تتفكرون ؟
[ وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ] أى خوف يا محمد بهذا القرآن المؤمنين المصدقين بوعد الله ووعيده، الذين يتوقعون عذاب يوم الحشر، قال ابو حيان : وكأنه قيل : أنذر بالقرآن من يرجى ايمانه، وأما الكفرة المعرضون فدعهم ورأيهم)
[ ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع ] أى ليس لهم غير الله ولى ينصرهم، ولا شفيع يشفع لهم
[ لعلهم يتقون ] أى أنذرهم لكي يتقوا الكفر والمعاصي
[ ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدواة والعشى يريدون وجهه ] أى لا تطرد هؤلاء المؤمنين الضعفاء من مجلسك يا محمد، الذين يعبدون ربهم دوما في الصباح والمساء، يلتمسون بذلك القرب من الله، والدنو من رضاه، قال الطبري : نزلت الآية في سبب جماعة من ضعفاء المسلمين، قال المشركون لرسول الله (ص) : لو طردت هؤلاء عنك لغشيناك وحضرنا مجلسك) وأراد النبي، ذلك طمعا في إسلامهم
[ ما عليك من حسابهم من شيء ] أى لا تؤاخذ بأعمالهم وذنوبهم كقول نوح [ إن حسابهم إلا على ربي ] قال الصاوي : هذا كالتعليل لما قبله، والمعنى : لا تؤاخذ بذنوبهم ولا بما في قلوبهم إن ارادوا بصحبتك غير وجه الله - وهذا على فرض تسليم ما قاله المشركون - وإلا فقد شهد الله لهم بالإخلاص بقوله [ يريدون وجهه ]
[ وما من حسابك عليهم من شيء ] وهذا التأكيد لمطابقة الكلام، والمعنى : لا تؤاخذ أنت بحسابهم ولا هم بحسابك فلم تطردهم ؟ وقيل إن المراد بالحساب الرزق، والمعنى : ليس رزقهم عليك ولا رزقك عليهم، وإنما يرزقك ويرزقهم الله ربى العالمين
[ فتطردهم فتكون من الظالمين ] أى لا تطردهم فإنك إن طردتهم تكون من الظالمين، وهذا لبيان الأحكام - وحاشاه من وقوع ذلك منه عليه السلام - قال القرطبي : وهذا كقوله تعالى [ لئن أشركت ليحبطن عملك ] وقد علم الله منه أن لا يشرك ولا يحبط عمله
[ وكذلك فتنا بعضهم ببعض ] أى ابتلينا الغني بالفقير، والشريف بالوضيع
[ ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ] أى ليقول الأشراف والأغنياء : أهؤلاء الضعفاء والفقراء، من الله عليهم بالهداية، والسبق إلى الإسلام من دوننا ! ! قالوا ذلك إنكارا واستهزاء كقولهم [ أهذا الذي بعث الله رسولا ] ؟ قال تعالى ردا عليهم
[ أليس الله بأعلم بالشاكرين ] ؟ أى الله أعلم بمن يشكر فيهديه، ومن يكفر فيخزيه، والإستفهام للتقرير