[ فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ] أى أينا أحق بالأمن ؟ أنحن وقد عرفنا الله بأدلة قاطعة ؟ وخصصناه بالعبادة، أم أنتم وقد أشركتم معه الأصنام، وكفرتم بالواحد الديان ؟
[ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ] أى لم يخلطوا إيمانهم بشرك
[ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ] أى لهم الأمن من العذاب وهم على هداية ورشاد، روي أن هذه الآية لما نزلت، أشفق منها أصحاب النبي (ص) في فقالوا : وأينا لم يظلم نفسه ؟ فقال (ص) : ليس كما تظنون وإنما هو كما قال لقمان لأبنه [ يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ]
[ وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ] الإشارة إلى ما تقدم من الحجج الباهرة، التي أيد الله بها خليله عليه السلام، أى هذا الذي احتج به إبراهيم على وحدانية الله، من غياب الكواكب والشمس والقمر، من أدلتنا التي أرشدناه لها، لتكون له الحجة الدامغة على قومه
[ نرفع درجات من نشاء ] أى بالعلم والفهم والنبؤة
[ إن ربك حكيم عليم ] أى حكيم يضع الشيء في محله، عليم لا يخفى عليه شيء
[ ووهبنا له اسحق ويعقوب ] أى وهبنا لإبراهيم ولدا وولد ولد، لتقر عينه ببقاء العقب
[ كلا هدينا ] أى كلا منهما أرشدناه إلى سبيل السعادة وآتيناه النبوة والحكمة، قال ابن كثير : يذكر تعالى أنه وهب لإبراهيم إسحق، بعد أن طعن في السن وأيس من الولد، وبشر بنبوته وبأن له نسلا وعقبا، وهذا أكمل في البشارة وأعظم في النعمة، وكان هذا مجازاة لإبراهيم حين اعتزل قومه، وهاجر من بلادهم لعبادة الله، فعوضه الله عن قومه وعشيرته، بأولاد صالحين من صلبه لتقر بهم عينه
[ ونوحا هدينا من قبل ] أى من قبل إبراهيم، وذكر تعالى نوحا لأنه أب البشر الثاني، فذكر شرف أبناء إبراهيم، ثم ذكر شرف أبائه
[ ومن ذريته داود وسليمان ] أي ومن ذرية إبراهيم ((الضمير في ﴿ذريته ﴾ فيه قولان : قيل إنه يرجع إلى نوح، واختاره الفراء وابن جرير وقيل : إنه يرجع إلى إبراهيم وهو قول عطاء واختاره أبو السعود لأن مساق الآية، لبيان شؤون إبراهيم العظيمة، لا لبيان أولاد وذرية نوح عليه الصلاة والسلام )) هؤلاء الأنبياء الكرام، وبدأ تعالى بذكر (داود وسليمان ) لأنهما جمعا الملك مع النبوة، وسليمان بن داود فذكر الأب والإبن
[ وأيوب ويوسف ] قرنهما لإشتراكهما في الامتحان والبلاء
[ وموسى وهارون ] قرنهما لإشتراكهما في الإخوة، وقدم موسى لأنه كليم لله
[ وكذلك نجزي المحسنين ] أى مثل ذلك الجزاء الكريم لإبراهيم، نجزي من كان محسنا في عمله، صادقا في إيمانه
[ وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس ] قرن بينهم لإشتراكهم في الزهد الشديد والإعراض عن الدنيا
[ كل من الصالحين ] أى الكاملين في الصلاح
[ وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا ] إسماعيل هو ابن إبراهيم، ويونس بن متى، ولوط بن هاران، وهو ابن اخ إبراهيم
[ وكلا فضلنا على العالمبن ] أى كلا من هؤلاء المذكورين في هذه الآية، فضلناه بالنبوة على عالمي عصرهم
[ ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم ] أي وهدينا من آبائهم وذرياتهم وإخوانهم جماعات كثيرة
[ واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ] أي اصطفيناهم وهديناهم إلى الطريق الحق، المستقيم الذي لا عوج فيه، قال ابن عباس : هؤلاء الأنبياء كلهم مضافون إلى ذرية إبراهيم، وإن كان فيهم من لا يلحقه بولادة من قبل أم ولا أب
[ ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ] أى ذلك الهدى إلى الطريق المستقيم، هو هدى الله يهدي به من أراد من خلقه
[ ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ] أى لو أشرك هؤلاء الأنبياء مع فضلهم وعلو قدرهم، لبطل عملهم فكيف بغيرهم ؟