[ والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ] أى وملائكة العذاب يضربون وجوههم وأدبارهم، لتخرج أرواحهم من أجسادهم، قائلين لهم : خلصوا أنفسكم من العذاب، قال الزمخشري : المعنى يقولون : هاتوا أرواحكم أخرجوها من أجسادكم، وهذه عبارة عن العنف في السياق، وا لإلحاح الشديد في الإزهاق، من غير تنفيس وإمهال
[ اليوم تجزون عذاب الهون ] أى تجزون العذاب الذى يقع به الهوان الشديد، مع الخزى الأكيد
[ بما كنتم تقولون على الله غير الحق ] أى بإفترائكم على الله، ونسبتكم إليه الشريك والولد
[ وكنتم عن آياته تستكبرون ] أى تتكبرون عن الايمان بآيات الله، فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون
[ ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ] أى جئتمونا للحساب منفردين عن الأهل والمال والولد، حفاة عراة غرلا، كما ورد في الحديث (أيها الناس انكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا، كما بدأنا أول خلق نعيده )
[ وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ] أى تركتم ما عطيناكم من الأموال في الدنيا، فلم تنفعكم في هذا اليوم العصيب
[ وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ] أى وما نرى معكم آلهتكم الذين زعمتم أنهم يشفعون لكم، والذين اعتقدتم أنهم شركاء لله، في استحقاق العبادة
[ لقد تقطع بينكم ] أى تقطع وصلكم وتشتت جمعكم
[ وضل عنكم ما كنتم تزعمون ] أي ضاع وتلاشى ما زعمتوه من الشفعاء والشركاء ! !
البلاغه :
١ - [ وكذلك نري إبراهيم ] حكاية حال ماضية أى أريناه.
٢ - [ لأكونن من القوم الضالين ] فيه تعريض بضلال قومه، وبين لفظ
[ الهداية والضلالة ] طباق وهو من المحسنات البديعية.
٣ - [ وجهت وجهي ] بينهما جناس الاشتقاق.
٤ - [ هدى الله ] الإضافة للتشريف، وبين [ هدى ] و[ يهدي ] جناس الاشتقاق أيضا.
٥ - [ ما أنزل الله على بشر من شيء ] مبالغة في إنكار نزول شيء من الوحي على أحد من الرسل.
٦ - [ من أنزل الكتاب ] استفهام للتبكيت والتوبيخ.
٧ - [ تبدونها وتخفون ] بينهما طباق.
٨ - [ أم القرى ] مكة المكرمة، وفيها استعارة حيث شبهت بالأم، لأنها أصل المدن والقرى.
٩ - [ في غمرات الموت ] قال الشريف الرضي : هذه استعارة عجيبة حيث شبه سبحانه ما يعتورهم من كرب الموت وغصصه، بالذين تتقاذفهم غمرات الماء ولججه، وسميت (غمرة) لأنها تغمر قلب الإنسان.
تنبيه :
ذهب بعض المفسرين إلى أن [ آزر ] عم إبراهيم وليس أباه وقال آخرون : إنه اسم للصنم، والصحيح كما قال المحققون من المفسرين أنه اسم لوالد إبراهيم، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة، والآية صريحة في أن (آزر) كان كافرا، ولا يقدح ذلك في مقام إبراهيم عليه السلام، وفي صحيح البخاري " يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة.. الحديث ودعوى إيمانه مرفوضة بنص الكتاب والسنة والله أعلم.
قال الله تعالى :[ إن الله فالق الحب والنوى.. إلى.. ونذرهم في طغيانهم يعمهون ] من آية (٩٥) الى نهاية آية ( ١١٥ ).
المناسبة :
لما ذكر تعالى أمر التوحيد وأردفه بتقرير أمر النبوة، ذكر هنا الأدلة الدالة على وجود الخالق وكمال علمه وقدرته وحكمته، تنبيها على أن المقصود الأصلي إنما هو (معرفة الله ) بذاته وصفاته وأفعاله.
اللغة :
[ فالق ] الفلق : الشق، وانفلق الصبح انشق
[ سكنا ] السكن ما يسكن إليه الإنسان ويانس به، والسكن : الرحمة حسبانا ] أى بحساب، قال الزمخشري : الحسبان مصدر حسب كما أن الحسبان مصدر حسب ونظيره الكفران والشكران
[ متراكبا ] بعضه فوق بعض
[ قنوان ] جمع قنو وهو العذق أي عنقود النخلة
[ وينعه ] أى نضجه وإدراكه يقال : ينعت الشجرة وأينعت إذا نضجت
[ خرقوا ] اختلقوا كذبا وإفكا


الصفحة التالية
Icon