[ وجنات من أعناب ] أى وأخرجنا بالماء بساتين وحدائق من أعناب
[ والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ] أى وأخرجنا به أيضا شجر الزيتون وشجر الرمان، مشتبها في المنظر، وغير متشابه في الطعم، قال قنادة : مشتبها ورقه مختلفا ثمره، وفي ذلك دليل قاطع على الصانع المختار العليم المدبر
[ انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه ] أى انظروا أيها الناس نظر اعتبار واستبصار، إلى خروج هذه الثمار، من ابتداء خروجها، إلى انتهاء ظهورها ونضجها، كيف تنتقل من حال إلى حال، في اللون والرائحة والصغر والكبر، وتأملوا ابتداء الثمر حيث يكون بعضه مرا، وبعضه مالحا لا ينتفع بشيء منه، ثم إذا انتهى ونضج، فإنه يعود حلوا طيبا نافعا مستساغ المذاق ! فسبحان القدير الخلاق ! !
[ إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ] أى إن في خلق هذه الثمار والزروع، مع اختلاف الأجناس والأشكال والألوان، لدلائل باهرة على قدرة الله ووحدانيته، لقوم يصدقون بوجود الله، قال ابن عباس : يصدقون أن الذي اخرج هذا النبات قادر على ان يحي الموتى)
[ وجعلوا لله شركاء الجن ] أى وجعلوا الجن شركاء لله حيث أطاعوهم في عبادة الأوثان
[ وخلقهم ] أى وقد علموا أنه تعالى هو الذي خلقهم وانفرد بإيجادهم، فكيف يجعلونهم شركاء له ؟ وهذه غاية الجهالة
[ وخرقوا له بنين وبنات بغير علم ] أى واختلقوا ونسبوا اليه تعالى البنين والبنات، حيث قالوا : عزيز ابن الله، والملائكة بنات الله، سفها وجهالة
[ سبحانه وتعالى عنا يصفون ] أى تنزه الله وتقدس عن هذه الصفات التي نسبها إليه الظالمون، وتعالى علوا كبيرا
[ بديع السموات والأرض ] أى مبدعهما من غير مثال سبق
[ أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ] أى كيف يكون له ولد وليس له زوجة ؟ والولد لا يكون إلا من زوجة
[ وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ] أى وما من شيء إلا هو خالقه، والعالم به، ومن كان كذلك كان غنيا عن كل شيء ! ! قال في التسهيل : والغرض الرد على من نسب لله الولد من وجهين : أحدهما : أن الولد لا يكون إلا من جنس والده، والله تعالى متعالي عن الاجناس، لأنه مبدعها فلا يصح أن يكون له ولد، والثاني : أن الله خلق السموات والأرض، ومن كان هكذا فهو غني عن الولد، وعن كل شيء، ثم أكد تعالى على وحدانيته وتفرده بالخلق والإيجاد فقال سبحانه
[ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو ] أى ذلكم الله خالقكم ومالككم ومدبر أموركم، لا معبود بحق سواه
[ خالق كل شيء فاعبدوه ] أى هو الخالق لجميع الموجودات، ومن كان هكذا فهو المستحق للعبادة وحده
[ وهو على كل شيء وكيل ] أى وهو الحافظ والمدبر لكل شيء، ففوضوا أموركم إليه وتوسلوا إليه بعبادته
[ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ] أى لا تصل إليه الأبصار ولا يحيط به، وهو يراها ويحيط بها، لشمول علمه تعالى للخفيات
[ وهو اللطيف الخبير ] أى اللطيف بعباده، الخبير بمصالحهم، قال ابن كثير : ونفي الإدراك الخاص لا ينفي الرؤية يوم القيامة، إذ يتجلى لعباده المؤمنين كما يشاء، فأما جلاله وعظمته على ما هو عليه تعالى وتقدس، فلا تدركه الأبصار، ولهذا كانت عائشة تثبت الرؤية في الآخرة وتنفيها في الدنيا، وتحتج بهذه الآية.
[ قد جاءكم بصائر من ربكم ] أى قد جاءكم البينات والحجج، التي تبصرون بها الهدى من الضلال، وتميزون بها بين الحق والباطل، قال الزجاج : المعنى قد جاءكم القرآن الذي فيه البيان والبصائر)
[ فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها ] أى من أبصر الحق وآمن، فلنفسه أبصر وإياها نفع، ومن عمي عنه، فعلى نفسه عمي وإياها ضر بالعمى
[ وما أنا عليكم بحفيظ ] أى لست عليكم بحافظ ولا رقيب، وإنما أنا منذر، والله هو الحفيظ عليكم