[ يوحي بعضهم إلى بعض ] أى يوسوس بعضهم إلى بعض، بالضلال والشر
[ زخرف القول غرورا ] أى يوسوسون لهم بالكلام المزين والأباطيل المنوهة، ليغزوا الناس ويخدعوهم، قال مقاتل : وكل إبليس بالإنس شياطين يضلونهم، فإذا إلتقى شيطان الإنس بشيطان الجن، قال أحدهما لصاحبه : إني أضللت صاحبي بكذا وكذا، فأضلك أنت صاحبك بكذا وكذا، فذلك وحي بعضهم إلى بعض
[ ولو شاء ربك ما فعلوه ] أي لو شاء الله ما عادى هؤلاء أنبياءهم، ولكن حكمة الله اقتضت هذا الابتلاء، قال ابن كثير : وذلك كله بقدر الله وقضائه، وإرادته ومشيئته، أن يكون لكل نبى عدو من هؤلاء
[ فذرهم وما يفترون ] أي اتركهم وما يدبرونه من المكائد، فإن الله كافيك وناصرك عليهم
[ ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ] أى ولتميل إلى هذا القول المزخرف، قلوب الكفرة الذين لا يصدقون بالآخرة
[ وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون ] أى وليرضوا بهذا الباطل، وليكتسبوا ما هم مكتسبون من الأثام
[ أفغير الله أيبتغي حكما ] أى قل لهم يا أيها الرسول : أفغير الله أطلب قاضيا بيني وبينكم ؟ قال أبو حيان : قال معشركو قريش لرسول الله (ص) : اجعل بيننا وبينك حكما، إن شئت من أحبار (اليهود) أو (النصارى)، ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك فنزلت
[ وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ] أى أنزل إليكم القرآن بأوضج بيان، مفصلا فيه الحق والباطل، موضحا فيه الهدى من الضلال
[ والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق ] أى وعلماء إليهود والنصارى، يعلمون حق العلم، أن القرآن حق، لتصديقه ما عندهم
[ فلا تكونن من الممترين ] أى فلا تكونن من الشاكين، وهذا من باب التهييج والإلهاب وقيل : الخطاب للرسول والمراد به الأمة
[ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا ] أى تم كلام الله المنزل، صدقا فيما أخبر، وعدلا فيما قضى وقدر
[ لا مبدل لكلماته ] أى لا مغير لحكمه ولا راد لقضائه
[ وهو السميع العليم ] أى السميع لأقوال العباد، العليم بأحوالهم
[ وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ] أى إن تطع هؤلاء الكفار - وهم أكثر أهل الأرض - يضلوك عن سبيل الهدى، قال الطبري : وإنما قال [ أكثر من في الأرض ] لأنهم كانوا حينئذ كفارا ضلالا والمعنى : لا تطعهم فيما دعوك إليه، فإنك إن أطعتهم ضللت ضلالهم، وكنت مثلهم، لأنهم لا يدعونك إلى الهدى وقد اخطأوه
[ إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ] أى ما يتبعون في أمر الدين إلا الظنون والأوهام، يقلدون أباءهم ظنا منهم أنهم كانوا على الحق، وما هم إلا قوم يكذبون
[ إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ] أى أن ربك يا محمد أعلم بالفريقين : بمن ضل عن سبيل الرشاد، وبمن اهتدى إلى طريق الهدى والسداد قال في البحر : وهذه الجملة خبرية تتضمن الوعد والوعيد، لأن كونه تعالى عالما بالضال والمهتدي، هو التنبيه عن مجازاتهما)
[ فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين ] أى كلوا مما ذبحتم وذكرتم اسم الله عليه، إن كنتم حقا مؤمنين. قال ابن عباس : قال المشركون للمؤمنين : إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله، فما قتله الله - يريدون الميتة - أحق أن يأكلوه مما قتلتم أنتم ! ! فنزلت الآية
[ وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه ] أى وما المانع لكم من أكل ما ذبحتموه بأيديكم، بعد أن ذكرتم اسم ربكم عليه عند ذبحه ؟
[ وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ] أى وقد بين لكم ربكم الحلال والحرام، ووضح لكم ما يحرم عليكم من الميتة والدم إلخ في آية المحرمات إلا في حالة الاضطرار، فقد أحل لكم ما حرم أيضا، فما لكم تستمعون إلى الشبهات التي يثيرها أعدأوكم الكفار ؟