[ الله أعلم حيث يجعل رسالته ] أي الله أعلم من هو أهل للرسالة فيضعها فيه، وقد وضعها فيمن اختاره لها وهو (محمد)، دون أكابر مكة (كأبى جهل )، والوليد بن المغيرة
[ سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ] أى سيصيب هؤلاء المجرمين الذل والهوان، والعذاب الشديد يوم القيامة، بسبب استكبارهم ومكرهم المستمر، قال في البحر : وقدم الصغار على العذاب، لأنهم تمردوا عن اتباع الرسول وتكبروا، طلبا للعز والكرامة، فقوبلوا بالهوان والذل أولا، ثم بالعقاب الشديد ثانيا )
[ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ] أى من شاء الله هدايته، قذف في قلبه نورا فينفسح له وينشرح، وذاك علامة الهداية للإسلام، قال ابن عباس : معناه يوسع قلبه للتوحيد والإيمان، وحين سئل رسول الله (ص) عن هذه الآية قال :(إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح، قالوا : فهل لذلك من أمارة يعرف بها ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، وا لاستعداد للموت قبل نزوله )
[ ومن يرد أن يضله ] أى ومن يرد شقاوته وإضلاله
[ يجعل صدره ضيقا حرجا ] أى يجعل صدره ضيقا شديد الضيق، لا يتسع لشيء من الهدى، ولا يخلص إليه شيء من الإيمان، قال عطاء : ليس للخير فيه منفذ ((هذا ما فسره به الإمام الطبري وجمهور المفسرين، أن المراد بقوله تعالى ﴿كأنما يصعد في السماء﴾ أي كمن يحاول الصعود الى السماء وهو غير مستطيع له.. والتعبير القراني المعجز، يشير إلى (حقيقة علمية) رائعة، لم يكن يعرفها الناس قبل عصر اكتشاف الطيران وعصر الفضاء، فقد اتضح للعلماء تناقص (الاكسجين ) وقلة (الضغط ) كلما صعد الإنسان إلى أجواء الفضاء، فكلما ارتفع الشخص إلى الأعلى، يشعر بعوارض الاختناق، لقلة الأكسجين وقلة الضغط، ويشعر بأن روحه تكاد تزهق، وتنفجر رئتاه، والعلاقة واضحة بين الإنسان والارتقاء في السماء، فالصدر يحتوي على الرئتين عضوي استخلاص الأكسجين، وحتى لا تنفجر الرئتان، يحتاج رائد الفضاء إلى سترة تكلفتها مليونا دولار، ليبقى في قيد الحياة، وبذلك تظهر هذه الحقيقة العلمية، التي لم يكن يعرفها الإنسان قبل غزو الفضاء، والتي أخبر عنها القران الكريم في هذا التشبيه الرائع ! !))
[ كانما يصعد في السماء ] أي كأنما يحاول الصعود إلى السماء، ويزاول أمرا غير ممكن، قال ابن جرير : وهذا مثل ضربه الله لقلب هذا الكافر، في شدة ضيقه عن وصول الإيمان إليه، مثل امتناعه من الصعود إلى السماء، وعجزه عنه، لأنه ليس في وسعه
[ كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ] أى مثل جعل صدر الكافر شديد الضيق، كذلك يلقي الله العذاب والخذلان، على الذين لا يؤمنون بآياته، قال مجاهد : الرجس كل ما لا خير فيه، وقال الزجاج : الرجس اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة
[ وهذا صراط ربك مستقيما ] أي وهذا الدين الذي أنت عليه يا محمد، هو الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه فاستمسك به
[ قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون ] أى بينا ووضحنا الآيات والبراهين لقوم يتدبرون بعقولهم
[ لهم دار السلام عند ربهم ] أى لهؤلاء المؤمنين الذين يعتبرون وينتفعون بالآيات (دار السلام )، أى السلامة من المكاره وهي الجنة في نزل الله وضيافته
[ وهو وليهم بما كانوا يعملون ] أى هو تعالى حافظهم وناصرهم ومؤيدهم، جزاء لإعمالهم الصالحة، قال ابن كثير : وإنما وصف تعالى الجنة هنا بدار السلام، لسلامتهم فيما سلكوه من الصراط المستقيم، المقتفي أثر الأنبياء وطرائقهم، فكما سلموا من آفات الضلال أفضوا إلى دار السلام.
البلاغه :


الصفحة التالية
Icon