[ قد خسر الذين قتلوا أولادهم ] أى والله لقد خسر هؤلاء السفهاء الذين قتلوا أولادهم، قال الزمخشري : نزلت في ربيعة ومضر والعرب الذين كانوا يئدون بناتهم، مخافة السبي أوالفقر
[ سفها بغير علم ] أي جهالة وسفاهة لخفة عقلهم، وجهلهم بأن الله هو الرازق لهم ولأولادهم
[ وحرموا ما رزقهم الله ] أي حرموا على أنفسهم (البحيرة والسائبة) وشبهها
[ افتراء على الله ] أى كذبا واختلاقا على الله
[ قد ضلوا وما كانوا مهتدين ] أى لقد ضلوا عن الطريق المستقيم بصنيعهم القبيح، وما كانوا من الأصل مهتدين لسوء سيرتهم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام [ قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين ].
البلاغة :
١ - [ قد استكثرتم من الإنس ] أى أفرطتم في إضلال وإغواء الإنس، ففيه إيجاز بالحذف ومثله [ استمتع بعضنا ببعض ] أى استمتع بعض الإنس ببعض الجن، وبعض الجن ببعض الإنس.
٢ - [ النار مثواكم ] التعريف وتقديم ما حقه التأخير لإفادة الحصر، والأصل مثواكم النار.
٣ - [ ألم يأتكم رسل ] الاستفهام للتوبيخ والتقريع.
٤ - [ ولكل ] أى لكل من العاملين فالتنوين عوض عن محذوف.
٥ - [ إن ما توعدون لآت ] صيغة الاستقبال [ توعدون ] للدلالة على الاستمرار التجددي، ودخول إن واللام على الجملة للتأكيد، لأن المخاطبين منكرون للبعث فلذا أكد الخبر بمؤكدين.
٦ - [ ما رزقهم الله افتراء على الله ] إظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار، لإظهار كمال عتوهم وضلالهم.
الفوائد :
الأولى : قال السيوطي في الإكليل : قوله تعالى :[ وكذلك نؤتي بعض الظالمين بعضا ] الآية في معنى حديث " كما تكونون يولى عليكم، وقال الفضيل بن عياض : إذا رأيت ظالما ينتقم من ظالم فقف وانظر متعجبا، لأن الله قال [ وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا... ] الآية.
الثانية : الجمهور على أن الرسل من الإنس ولم يكن من الجن رسول وقوله تعالى :[ ألم تأتكم رسل منكم ] هو من باب التغليب كقوله [ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ] وإنما يخرجان من البحر المالح دون العذب. الثالثة : ذكر القرطبي في (تفسيره أن رجلا من أصحاب النبي (ص) كان لا يزال مغتما بين يدي رسول الله (ص) فقال له الرسول : ما لك تكون محزونا ؟ فقال : يا رسول الله إني أذنبت في الجاهلية ذنبا فأخاف ألا يغفره الله لي وإن أسلمت ! فقال له : أخبرني عن ذنبك ؟ فقال يا رسول الله : أني كنت من الذين يقتلون بناتهم، فولدت لي بنت فتشفعت إلى امرأتي أن أتركها، فتركتها حتى كبرت وأدركت، وصارت من أجمل النساء، فخطبوها فدخلتني الحمية، ولم يحتمل قلبي أن أزوجها، أو أتركها في البيت بغير زوج، فقلت للمرأة : إني أريد أن أذهب لزيارة أقربائى فأبعثها معي، فسرت بذلك وزينتها بالحلى والثياب، وأخذت على المواثيق بألا أخونها، فذهبت بها إلى رأس بئر فنظرت في البئر ففطنت الجارية بأنى أريد أن القيها في البئر، فالتزمتني وجعلت تبكى فرحمتها، ثم نظرت في البئر فدخلت على الحمية، حتى غلبني الشيطان قألقيتها قي البئر منكوسة، ومكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت، فبكى رسول الله (ص) وأصحابه وقال : لو أمرت أن أعاقب أحدا بما فعل في الجاهلية لعاقبتك ).
قال الله تعالى :[ وهو الذي أنشأ جنات معروشات.. إلى.. وهم بربهم يعدلون ] من آية ( ١٤١ ) إلى نهاية آية ( ١٥٠).
المناسبة :


الصفحة التالية
Icon