لما أخبر تعالى عن المشركين أنهم حرموا أشياء مما رزقهم الله، وحكى طرفا من قبائحهم وجرائمهم، ذكر تعالى هنا ما امتن به عليهم من الرزق، الذي تصرفوا فيه بغير إذنه تعالى، افتراء منهم عليه واختلاقا، ثم أعقبه باحتجاجهم على الشرك وعدم الإيمان بالقضاء والقدر، وهذا أيضا من جملة الكذب والبهتان والافتراء على الله.
اللغة :
[ ممروشات ] مرفوعات على ما يحملها من العيدان
[ حصاده ] الحصاد : جمع الثمر كالجذاذ
[ حمولة ] الحمولة : الإبل التي تحمل الأبقال على ظهورها
[ فرشا ] الفرشى : الصغار التي لا تصلح للحمل، كالفصلان والعجاجيل، قال الزجاج : الفرشى صغار الإبل، قال الشاعر : أورثنى حمولة وفرشا أمشها في كل يوم مشا
[ الحوايا ] قال الواحدي : هى المباعر والمصارين واحدتها حاوية وحوية وقيل : الحوايا الأمعاء التي عليها الشحوم، سميت حوايا لأن البطن يحويها
[ هلم ] هاتوا
[ يعدلون ] يشركون به.
التفسير :
[ وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ] أى هو الذي أنعم عليكم بأنواع النعم، لتعبدوه وحده، فخلق لكم بساتين من الكروم، منها مرفوعات على عيدان، ومنها متروكات على وجه الأرض لم تعرش
[ والنخل والزرع مختلفا أكله ] أى وأنشأ لكم شجر النخيل المثمر، بما هو فاكهة وقوت، وأنواع الزرع المحصل لأنواع القوت، مختلفا ثمره وحبه، في اللون والطعم والحجم والرائحة
[ والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه ] أى متشابها في اللون والشكل، وغير متشابه في الطعم
[ كلوا من ثمره إذا أثمر ] أى كلوا أيها الناس من ثمر كل واحد مما ذكر، إذا ادرك من رطبه وعنبه
[ وآتوا حقه يوم حصاده ] أى اعطوا الفقير والمسكين من ثمره يوم الحصاد، ما تجود به نفوسكم وقال ابن عباس : يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله
[ ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ] أى ولا تسرفوا في الأكل، لما فيه من مضرة العقل والبدن، قال الطبري : المختار قول عطاء أنه نهى عن الإسراف في كل شيء
[ ومن الأنعام حمولة وفرشا ] أى وخلق لكم من الأنعام ما يحمل الأثقال، وما يفرش للذبح " أي يضجع " قال ابن اسلم : الحمولة ما يركبون، والفرش ما يأكلون وتحلبون
[ كلوا مما رزقكم الله ] أى كلوا من الثمار والزروع والأنعام، فقد جعلها الله لكم رزقا
[ ولا تتبعوا خطوات الشيطان ] أى طريقه وأوامره في التحليل والتحريم، كفعل أهل الجاهلية
[ إنه لكم عدو مبين ] أى إن الشيطان ظاهر العداوة للإنسان، فاحذروا كيده
[ ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ] أى وأنشأ لكم من الأنعام ثمانية أنواع أحل لكم أكلها، من الضأن ذكرا وأنثى، ومن المعز ذكرا وأنثى، قال القرطبي : يعني ثمانية أفراد، وكل فرد عند العرب يحتاج إلى آخر يسمى زوجا فيقال للذكر : زوج وللأنثى زوج ويراد بالزوجين من الضأن :(الكبش والنعجة)، ومن المعز :(التيس والعنز)
[ قل آلذكرين حرم أم الأنثيين ] ؟ هذا إنكار لما كانوا يفعلونه من تحريم ما أحل الله أى قل لهم يا أيها الرسول على وجه التوبيخ والزجر : الذكرين من الضأن والمعز حرم الله عليكم أيها المشركون أم الأنثيين منهما ؟
[ أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ] أى أو ما حملت إناث الجنسين ذكرا كان أو أنثى ؟
[ نبئونى بعلم إن كنتم صادقين ] تعجيز وتوبيخ أى أخبروني عن الله بأمر معلوم، لا بإفتراء ولا بترخص، إن كنتم ضادقبن في نسبة ذلك التحريم إلى الله
[ ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين ] أى وأنشأ لكم من الإبل اثنين هما (الجمل والناقة) ومن البقر اثنين هما (الجاموس والبقرة)