[ فمن تبع هداي ] أي من آمن بي وعمل بطاعتي، واتبع رسلى
[ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ] أي لا ينالهم خوف ولا حزن في الآخرة
[ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ] أي جحدوا بما أنزلت وبما أرسلت
[ أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ] أي هم مخلدون في الجحيم أعاذنا الله منها.
البلاغة :
- أولا : صيغة الجمع [ وإذ قلنا ] للتعظيم وهي معطوفة على قوله :[ وإذ قال ربك ] وفيه التفات من الغائب إلى المتكلم لتربية المهابة وإظهار الجلالة.
- ثانيا : أفادت الفاء في قوله [ فسجدوا ] أنهم سارعوا فى الامتثال ولم يتثبطوا فيه، وفي الآية إيجاز بالحذف أي " فسجدوا لآدم " وكذلك [ أبى ] مفعوله محذوف أي أبى السجود.
- ثالثا : قوله :[ ولا تقربا هذه الشجرة ] المنهي عنه هو الأكل من ثمار الشجرة، وتعليق النهي بالقرب منها [ ولا تقربا ] لقصد المبالغة في النهي عن الأكل، إذ النهي عن القرب نهي عن الفعل بطريق أبلغ، كقوله تعالى :[ ولا تقربوا الزنى ] فنهى عن القرب من الزنى ليقطع الوسيلة إلى ارتكابه، من النظرة، والملامسة، والمصافحة، والخلوة، والمغازلة.. الخ.
- رابعا : التعبير بقوله :[ مما كانا فيه ] أبلغ فى الدلالة على فخامة الأمر، وكثرة الخيرات مما لو قيل : من النعيم أو الجنة، فإن من أساليب البلاغة في الدلالة على عظم الشيء أن يعبر عنه بلفظ مبهم نحو [ مما كانا فيه ] لتذهب نفس السامع في تصور عظمته وكماله، إلى أقصى ما يمكنها أن تذهب إليه.
- خامسا :[ التواب الرحيم ] من صيغ المبالغة أي كثير التوبة واسع الرحمة.
الفوائد :
الأولى : كيف يصبح السجود لغير الله ؟ والجواب أن سجود الملائكة لآدم كان للتحية، وكان سجود (تشريف وتكريم)، لا سجود (صلاة وعبادة)، قال الزمخشري : السجود لله تعالى على سبيل العبادة، ولغيره على وجه التكرمة كما سجدت الملائكة لآدم، ويعقوب وأبناؤه ليوسف عليه السلام.
الثانية : قال بعض الصالحين : سابق العناية لا يؤثر فيه حدوث الجناية، ولا يحط عن رتبة الولاية، فمخالفة آدم التى أوجبت له الإخراج من دار الكرامة، لم تخرجه عن حظيرة القدس، ولم تسلبه رتبة الخلافة، بل أجزل الله له فى العطية فقال :[ ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ] وقال الشاعر :
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
الثالثة : هل كان إبليس من الملائكة ؟ الجواب : اختلف المفسرون على قولين : ذهب بعضهم إلى أنه من الملائكة بدليل الاستثناء [ فسجدوا إلا إبليس ] وقال آخرون : الاستثناء منقطع وإبليس من الجن وليس من الملائكة وإليه ذهب الحسن وقتادة واختاره الزمخشري، قال الحسن البصري : لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين، ونحن نرجح القول الثاني للأدلة الآتية :
-أولا : الملائكة منزهون عن المعصية [ لا يعصون الله ما أمرهم ] وإبليس قد عصى أمر ربه.
-ثانيا : الملائكة خلقت من نور، وإبليس خلق من نار فطبيعتهما مختلفة.
-ثالثا : الملائكة لا ذرية لهم وإبليس له ذرية [ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ] ؟
-رابعا : النص الصريح الواضح فى سورة الكهف على أنه من الجن وهو قوله تعالى :[ إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ] وكفى به حجة وبرهانا.
-خامسا : قول الحسن البصري وهو من كبار التابعين : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين، وهذا هو الصحيح، والله أعلم.
قال الله تعالى :[ يا بني إسرائيل.. إلى.. واركعوا مع الركعين ] من آية (٤٠) إلى نهاية آية (٤٣).
المناسبة :