[ ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ] كرر الوصية على سبيل التأكيد، أى لعلكم تتقون النار، بإمتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، قال ابن عطية : لما كانت المحرمات الأولى لا بقع فيها عاقل جاءت العبارة [ لعلكم تعقلون ] والمحرمات الآخر شهوات وقد يقع فيها من لم يتذكر جاءت العبارة [ لعلكم تذكرون ] ولما كان السير في الجادة المستقيمة يتضمن فعل الفضائل، ولا بد لها من تقوى الله جاءت العبارة [ لعلكم تتقون ]
[ ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ] أى أعطينا موسى التوراة، تماما للكرامة والنعمة على من كان محسنا وصالحا، قال الطبري : أي اتينا موسى الكتاب تماما لنعمتنا عليه، في قيامه بأمرنا ونهينا، فان إيتاء موسى الكتاب، نعمة من الله عليه، ومنة عظيمة لما سلف منه، من صالح العمل وحسن الطاعة
[ وتفصيلا لكل شيء ] أى وبيانا مفصلا لكل ما يحتاج إليه بنو إسرائيل في الدين
[ وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ] أى وهدى لبني إسرائيل ورحمة عليهم ليصدقوا بلقاء الله، قال ابن عباس : كي يؤمنوا بالبعث ويصدقوا بالثواب والعذاب
[ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ] أى وهذا القرآن الذي أنزلناه على محمد، كتابى عظيم الشأن، كثير المنافع، مشتمل على أنواع الفوائد الدينية والدنيوية
[ فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ] أى تمسكوا به واجعلوه إماما، واحذروا أن تخالفوه، لتكونوا راجين للرحمة
[ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين ] أي أنزلناه بهذا الوصف العظيم، الجامع لخيرات الدنيا والآخرة، كراهة أن تقولوا يوم القيامة : ما جاءنا كتاب فنتبعه، وإنما نزلت الكتب المقدسة على اليهود والنصارى، قال ابن جرير : فقطع الله بإنزاله القرآن على محمد (ص) حجتهم تلك
[ وإن كنا عن دراستهم لغافلين ] أى وقد كنا عن معرفة ما في كتبهم وفراستهم غافلين، لا نعلم ما فيها لأنها لم تكن بلغتنا
[ أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ] أو تقولوا لو أننا أنزل علينا الكتاب، كما أنزل على هاتين الطائفتين، لكنا أهدى منهم إلى الحق، وأسرع إجابة لأمر الرسول، لمزيد ذكائنا وجدنا في العمل
[ فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة ] أي فقد جاءكم من الله، على لسان محمد (ص) قرآن عظيم، فيه بيان للحلال والحرام، وهدى لما في القلوب، ورحمة من الله لعباده، قال القرطبي : أى قد زال العذر بمجيء محمد (ص) قال ابن عباس : بينة أى حجة وهو النبي (ص) والقرآن
[ فمن أظلم ممن كذب بآيات الله ] أى من أكفر ممن كذب بالقرآن ولم يؤمن به
[ وصدف عنها ] أى أعرض عن آيات الله، قال ابو السعود : أى صرف الناس عنها، فجمع بين الضلال والاضلال
[ سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ] وعيد لهم، أى سنجازي هؤلاء المعرضين عن آيات الله، وحججه الساطعة، شديد العقاب، بسبب إعراضهم عن آيات الله، وتكذيبهم لرسله
[ هل ينظرون إلا ان تأتيهم الملائكة ] أى ما ينتظر هؤلاء المشركون، إلا أن تاتيهم الملائكة لقبض أرواحهم وتعذيبها، وهو وقت لا تنفع فيه توبتهم
[ أو يأتى ربك أو يأتى بعض آيات ربك ] قال ابن عباس : أى يأتى أمر ربك فيهم، بالقتل أو غيره، وقال الطبري : المراد أن يأتيهم ربك في موقف القيامة للفصل بين خلقه، أو يأتيهم بعض آيات ربك وهو طلوع الشمس من مغربها


الصفحة التالية
Icon