[ فدلاهما بغرور ] أى خدعهما بما غرهما به من القسم بالله، قال ابن عباس : غرهما باليمين، وكان آدم يظن أنه لا يحلف أحد بالله كاذبا، فغرهما بوسوسته وقسمه لهما
[ فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما ] أى فلما أكلا من الشجرة ظهرت عوراتهما، قال الكلبي : تهافت - أى سقط - عنهما لباسهما، فأبصر كل منهما عورة صاحبه فاستحيا
[ وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ] أي أخذا وشرعا يلصقان ورقة على ورقة ليستترا به، بعد أن كانت كسوتهما من حلل الجنة. قال القرطبي : أي جعلا يقطعان الورق ويلزقانه ليستترا به، ومنه خصف النعل. وقال وهب ابن منبه : كان لباس آدم وحواء نورا على فروجهما لا يرى هذا عورة هذه، ولا هذه عورة هذا، فلما أصابا الخطيئة بدت لهما سوآتهما)
[ وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ] أي ناداهما الله بطريق العتاب والتوبيخ قائلا : ألم أحذركما من الأكل من هذه الشجرة، وأخبركما بعداوة الشيطان اللعين ؟ روى أنه تعالى قال لآدم : ألم يكن لك فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة ؟ فقال : بلى وعزتك، ولكن ما ظننت أن أحدا من خلقك يحلف بك كاذبا قال : فوعزتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كدا
[ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ] اعترفا بالخطيئة وتابا من الذنب، وطلبا من الله المغفرة والرحمة، قال الطبري : وهذه الآية هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه
[ قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ] الخطاب (لآدم، وحواء، وإبليس ) ولهذا جاء بصيغة الجمع أى اهبطوا من سماء القدس إلى الأرض، حال كون بعضكم عدوا لبعض، فالشيطان عدو للإنسان، والإنسان عدو للشيطان، كقوله سبحانه [ إن الشيطان لكم عدو فأتخذوه عدوا ]
[ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ] أى لكم في الأرض موضع استقرار وتمتع، وانتفاع إلى حين انقضاء آجالكم
[ قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون ] أى في الأرض تعيشون، وفيها تقبرون ومنها تخرجون يوم القيامة للجزاء، كقوله تعالى [ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ] ثم ذكر تعالى ما امتن به على ذرية آدم من اللباس والرياش والمتاع فقال سبحانه
[ يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم ورشيا ] أى أنزلنا عليكم لباسين : لباسا يستر عوراتكم، ولباسا يزينكم وتتجملون به، قال الزمخشري : الريش (لباس الزينة) استعير من ريش الطير لأنه لباسه وزينته
[ ولباس التقوى ذلك خير ] أى ولباس الورع والخشية من الله تعالى، خير ما يتزين به المرء، فإن طهارة الباطن أهم من جمال الظاهر، قال الشاعر : وخير لباس المرء طاعة ربه ولاخيرفيمن كان لله عاصيا
[ ذلك من آيات الله ] أى إنزال اللباس من الآيات العظيمة الدالة على فضل الله ورحمته على عباده
[ لعلهم يذكرون ] أى لعلهم يذكرون هذه النعم فيشكرون الله عليها
[ با بني آدم لا يفتننكم الشيطان ] أي لا يغوينكم الشيطان بإضلاله وفتنته
[ كما أخرج أبويكم من الجنة ] أى كما أغوى أبويكم بالأكل من الشجرة حتى أخرجهما من الجنة
[ ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ] أى ينزع عنهما اللباس لتظهر العورات، ونسب النزع إليه لأنه المتسبب، وهذا هدف اللعين أن يهتك الستر عن الإنسان، ويعريه من جميع الفضائل الحسية والمعنوية
[ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ] أى إن الشيطان يبصركم هو وجنوده، من الجهة التي لا تبصرونه منها، فهو لكم بالمرصاد، فاحذروا كيده ومكره، لأن العدو إذا أتى من حيث لا يرى، كان أشد وأخوف
[ إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون ] أى جعلنا الشياطين أعوانا وقرناء للكافرين