[ وإذا فعلوا فاحشة ] أى وإذا فعل المشركون فاحشة وهي الفعلة المتناهية في القبح كالطواف حول البيت عراة
[ قالوا وجدنا عليها أباءنا ] أى اعتذروا عن ذلك الفعل القبيح بتقليد الاباء
[ والله أمرنا بها ] أى أمرنا بالتجرد من الثياب، إذ كيف نطوف فى ثياب عصينا فيها الله ! وهذا إفتراء على ذي الجلال، قال البيضاوي : احتجوا بأمرين : تقليد الآباء، والإفتراء على الله سبحانه، فأعرض عن الأول لظهور فساده، ورد الثاني بقوله
[ قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ] أى قل لهم يا محمد : الله منزه عن النقص، لا يأمر عباده بقبائح الأفعال ومساوىء الخصال
[ أتقولون على الله ما لا تعلمون ] الاستفهام للإنكار والتوبيخ أى أتكذبون على الله وتنسبون إليه القبيح ؟ دون علم ونظر صحيح ؟
[ قل أمر ربي بالقسط ] أى بالعدل والاستقامة
[ وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ] أى توجهوا بكليتكم إليه عند كل سجود
[ وادعوه مخلصين له الدين ] أى واعبدوه مخلصين له العبادة والطاعة، قال ابن كثير : أى أمركم بالاستقامة في عبادته وهي متابعة المرسلين المؤيدين بالمعجزات، وبالإخلاص لله في العبادة، فإن الله تعالى لا يتقبل العمل حتى يجمع هذين الركنين : أن يكون صوابا موافقا للشريعة، وأن يكون خالصا من الشرك
[ كما بدأكم تعودون ] أي كما بدأكم من الأرض تعودون إليها
[ فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ] أى هدى فريقا وأضل فريقا منكم، وهو الفعال لما يريد لا يسأل عما يفعل
[ إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ] هذا تعليل للفريق الذين حقت عليهم الضلالة أى اتخذوا الشياطين نصراء من دون الله
[ ويحسبون أنهم مهتدون ] أى يظنون أنهم على بصيرة وهداية من أمرهم.
البلاغة :
١ - [ حرج منه ] أى ضيق من تبليغه فهو على حذف مضاف مثل [ واسأل القرية ].
٢ - [ من ربكم ] التعرض لوصف الربوببة مع الاضافة لضمير المخاطبين لمزيد اللطف بهم وترغيبهم في إمتثال الأوامر.
٣ - [ فمن ثقلت موازينه ] بين [ ثقلت ] و[ خفت ] طباق وكذلك بين [ بياتا ] و[ قائلون ] لأن البيات معناه ليلا و[ قائلون ] معناه نهارا وقت الظهيرة.
٤ - [ خلقناكم ثم صورناكم ] هو على حذف مضاف أى خلقنا أباكم وصورنا أباكم.
٥ - [ لأقعدن لهم صراطك المستقيم ] استعار (الصراط المستقيم ) لطريق الهداية الموصل إلى جنان النعيم.
٦ - [ ويا آدم ] فيه ايجاز بالحذف أى وقلنا يا آدم.
٧ - [ ولا تقربا هذه الشجرة ] عبر عن الأكل بالقرب مبالغة في النهي عن الأكل منها..
٨ - [ وقاسمهما إنى لكما ] أكد الخبر بالقسم وبإن واللام لدفع شبهة الكذب وهو من الضرب الذي يسمى " إنكاريا " لأن السامع شاك في الخبر.
٩ - [ فيها تحيون وفيها تموتون ] بين الجملتين طباق وهو من المحسنات البديعية.
تنبيه :
سميت العورة سوأة لأن كشفها يسوء صاحبها، قال العلماء : في الآية دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور، وأنه مستهجن في الطباع ولذلك سميت (سوأة) أقول : إن الآية قد أوضحمت هدف إبليس اللعين [ ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ] فمن دعا إلى تعري المرأة، وشجع على ذلك كما هو حال من يزعم التقدمية، ويدعو المرأة إلى نزع الحجاب بدعوى الحرية والمساواة، فإنما هو عدو للمرأة، ومن أنصار وأعوان (إبليس ) اللعين، لأن الهدف واحد، وهي دعوة مكشوفة غايتها التفسخ والإنحلال الخلقي، وليست التقدمية بالتكشف والتعري، وإنما هي بصيانة الشرف والعفاف، ولله در القائل : يا ابنتي إن أردت آية حسن وجمالا يزين جسما وعقلا فانبذي عادة التبرج نبذا فجمال النفوس أسمى وأغلى يصنع الصانعون وردا ولكن وردة الروض لا تضارع شكلا