قال الله تعالى :[ با بني آدم خذوا زينتكم.. إلى.. وما كانوا بآياتنا يجحدون ] من آية (٣١) إلى نهاية آية ( ٥١).
المناسبة :
لما ذكر تعالى قصة آدم عليه السلام، وذكر ما امتن به على بنيه، وما أنعم به عليهم من اللباس الذي يستر العورات، أمر هنا بأخذ الزينة والتجمل في المناسبات، وعند إرادة الصلاة، ثم ذكر أحوال الآخرة وانقسام الناس إلى طوائف ثلاث :(أهل الجنة، وأهل النار، وأهل الأعراف ) ومال كل فريق من سعادة أو شقاء، في دار العدل والجزاء
اللغة :
[ زينتكم ] الزينة : ما يتزين به المرء ويتجمل من ثياب وغيرها
[ الفواحش ] جمع فاحشة وهي ما تناهى قبحه من المعاصى
[ البغى ] الظلم والاستطالة على الناس
[ سلطانا ] حجة وبرهانا
[ سم الخياط ] ثقب الإبرة
[ مهاد ] فراش يمتهده الإنسان
[ غواش ] أغطية جمع غاشية، قال ابن عباس : هي اللحف
[ الأعراف ] الجسر المضروب بين الجنة والنار، مستعار من عرف الديك
[ بسيماهم ] بعلامتهم.
سبب النزول :
عن ابن عباس قال : كانت المرأة تطوف بالبيت عريانة وتقول : من يعيرني تطوافا تجعله على فرجها وتقول : اليوم يبدو بعضه أوكله فما بدا منه فلا أحله فنزلت هذه الآية [ يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ] وأذن مؤذن رسول الله (ص) :" ألا يطوف بالبيت عريان ".
التفسير :
[ با بني أدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ] أى البسوا أفخر ثيابكم وأطهرها، عند كل صلاة أو طواف
[ وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ] أى لا تسرفوا في الزينة والأكل والشرب، بما يضر بالنفس والمال
[ إنه لا يحب المسرفين ] أى المتعدين حدود الله فيما أحل وحرم
[ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ] أى قل يا محمد لهؤلاء الجهلة من العرب، الذين يطوفون بالبيت عراة، ويحرمون على أنفسهم ما أحللت لهم من الطيبات : من حرم عليكم التجمل بالثياب التى خلقها الله لنفعكم من القطن والصوف، والمستلذات من المآكل والمشارب ؟ ! والاستفهام للإنكار والتوبيخ
[ قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ] أى هذه الزينة والطيبات في الدنيا مخلوقة للمؤمنين، وإن شاركهم فيها الكفار، وستكون خالصة لهم يوم القيامة، لا يشركهم فيها أحد، لأن الله حرم الجنة على الكافرين
[ كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ] أى نبين ونوضح الآيات التشريعية، لقوم يتدبرون حكمة الله ويفقهون تشريعه ! !
[ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ] أى قل لهم يا محمد : ما حرم الله إلا القبائح من الأشياء، التي تفاحش قبحها وتناهى ضررها، سواء ما كان منها في السر أو في العلن
[ والإثم والبغي بغير الحق ] أى وحرم المعاصى كلها والعدوان على الناس
[ وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ] أى تجعلوا له شركاء في عبادته بدون حجة أو برهان
[ وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ] أى تفتروا على الله الكذب في التحليل والتحريم
[ ولكل أمة أجل ] أى لكل أمة كذبت رسلها مدة مضروبة لهلاكها، قال في البحر : هذا وعيد للمشركين بالعذاب اذا خالفوا أمر ربهم
[ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ] أى فإذا جاء وقت هلاكهم المقدر لهم، لا يتأخر عنهم برهة من الزمن ولا يتقدم، لقوله [ وجعلنا لمهلكهم موعدا ] والساعة مثل في غاية القلة من الزمان
[ با بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي ] المراد ببني آدم جميع الأمم، والمعنى : أن يجئكم رسلي الذين أرسلتهم إليكم، يبينون لكم الأحكام والشرائع
[ فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ] أى فمن اتقى منكم ربه، بفعل الطاعات وترك المحرمات، فلا خوف عليهم فى الآخرة ولا هم ولا حزن