[ والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ] أى وأما من كذب واستكبر عن الإيمان بما جاء به الرسل، فأولئك في نار جهنم، ماكثون لا يخرجون منها أبدا
[ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته ] الاستفهام للإنكار أى من أقبح وأشنع ممن تعقد الكذب على الله ؟ أو كذب بآياته المنزلة ؟
[ أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ] أى يصيبهم حظهم في الدنيا مما كتب لهم وقدر، من الأرزاق والآجال، وما وعدوا به من خير أو شر
[ حتى اذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم ] أي جاءت ملائكة الموت تقبض أرواحهم
[ قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله ] أى أين الآلهة التي كنتم تعبدونها من دون الله ؟ ادعوهم ليخلصوكم من العذاب، والسؤال للتبكيت والتوبيخ
[ قالوا ضلوا عنا ] أى قال الأشقياء المكذبون : لقد غابوا عنا فلا نرجو نفعهم ولا شفاعتهم
[ وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ] أى أقروا واعترفوا على أنفسهم بالكفر والضلال، وإنما قالوا ذلك على سبيل التحسر، والإعتراف بما هم عليه من الخيبة والخسران
[ قال ادخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار ] أى يقول الله تعالى يوم القيامة لهؤلاء المكذبين بآياته : ادخلوا مع أمم أمثالكم من الفجرة في نار جهنم، من كفار الأمم الماضية من الإنس والجن
[ كلما دخلت أمة لعنت أختها ] أى كلما دخلت طائفة النار، لعنت التي قبلها، لضلالها بها، قال الألوسي : يلعن الأتباع القادة يقولون : أنتم أوردتمونا هذه الموارد فلعنكم الله تعالى، كما قال تعالى [ ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ]
[ حتى إذا أداركوا فيها جميعا ] أى تلاحقوا واجتمعوا في النار كلهم
[ قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا ] أى قال الأتباع للقادة والرؤساء الذين أضلوهم : ياربنا هؤلاء هم الذين أضلونا عن سبيلك وزينوا لنا طاعة الشيطان
[ فآتهم عذابا ضعفا من النار ] أى أذقهم العذاب مضاعفا لأنهم تسببوا في كفرنا، ونظير هذه الآية [ ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا. ربنا آتهم ضعفين من العذاب ]
[ قال لكل ضعف ] أى لكل من القادة والأتباع عذاب مضاعف، أما القادة فلضلالهم وإضلالهم، وأما الأتباع فلكفرهم وتقليدهم
[ ولكن لا تعلمون ] أى لا تعلمون هوله، ولهذا تسألون لهم مضاعفة العذاب
[ وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل ] أى قال القادة للأتباع : لا فضل لكم علينا في تخفيف العذاب، فنحن متساوون معكم في الضلال وفي استحقاق العذاب الأليم
[ فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ] أي فذوقوا عذاب جهنم بسبب إجرامكم، قالوه لهم على سبيل التشفي، لأنهم دعوا عليهم بمضاعفة العذاب ((ذهب بعض المفسرين إلى أن قوله ﴿فذوقوا العذاب﴾ من كلام الله للفريقين على سبيل التوبيخ وهو اختيار الطبري، والظاهر أنه من كلام القادة للأتباع كما في البحر المحيط، يقولونه لهم على سبيل التشفي، والله أعلم ))
[ إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها ] أى كذبوا بآياتنا مع وضوحها، واستكبروا عن الإيمان بها، والعمل بمقتضاها
[ لا تفتح لهم أبواب السماء ] أى لا يصعد لهم عمل صالح إلى السماء، كقوله تعالى [ إليه يصعد الكلم الطيب ] قال ابن عباس : لا يرفع لهم منها عمل صالح، ولا دعاء، وقيل : لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا قبضت أرواحهم، ويؤيده حديث (إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا يجيئه ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة، فلا يمر على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الخبيثة ؟ حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له ) الحديث