[ قال الملأ الذي كفروا من قومه ] أى قال السادة والقادة منهم
[ إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين ] أى نراك في خفة حلم، وسخافة عقل، وإننا لنظنك من الكاذبين في ادعائك الرسالة
[ قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين ] أى ليس بي كما تزعمون نقص في العقل، ولكني مرسل إليكم بالهداية من رب العالمين
[ أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين ] أى أبلغكم أوامر الله، وأنا ناصح لكم فيما أدعوكم إليه، أمين على ما أقول لا أكذب فيه، قال الزمخشري : وفي إجابة الأنبياء عليهم السلام، ممن نسبهم إلى السفاهة والضلالة - بما أجابوهم به من الكلام الصادر عن الحلم وترك المقابلة - أدب حسن، وخلق عظيم، وتعليم للعباد كيف يخاطبون السفهاء، ويسبلون أذيالهم على ما يكون منهم،
[ أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ] أى لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم، لينذركم لقاء الله ويخوفكم عذابه
[ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ] أى اذكروا نعمة الله عليكم، حين استخلفكم في الأرض، بعد إهلاك قوم نوح
[ وزادكم في الخلق بسطة ] أى زاد في أجسامكم قوة وضخامة
[ فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون ] أي اذكروا نعم الله عليكم، كي تفلحوا وتفوزوا بالسعادة
[ قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد أباؤنا ] أى أجئتنا يا هود تتوعدنا بالعذاب ؟ كي نعبد الله وحده ؟ ونهجر عبادة الآلهة والأصنام، ونتبرا منها ؟ وهذه منهم منتهى السفاهة والغلاظة لمن يريد بهم الخير والسعادة
[ فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ] أى فأتنا بما تعدنا به من العذاب، فلن نؤمن لك إن كنت من الصادقين في قولك
[ قال قد وقع عليكم من ربكم رجز وغضب ] أي قد حل بكم عذاب وغضب من الله
[ أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ما نزل الله بها من سلطان ] أى أتخاصمونني في أصنام لا تضر ولا تنفع ؟ ما أنزل الله بعبادتها من حجة أو برهان ؟
[ فانتظروا إنى معكم من المنتظرين ] أى فانتظروا نزول العذاب، إني من المنتظرين لما يحل بكم، وهذا غاية الوعيد والتهديد
[ فأنجيناه والذين معه برحمة منا ] أى أنجينا هودا والذين معه من المؤمنين رحمة منا لهم
[ وقطعنا دابر الذين كذبوا بايآتنا ] أى استأصلناهم بالكلية ودمرناهم عن آخرهم
[ وما كانوا مؤمنين ] أى كذبوا ولم يؤمنوا فاستحقوا العذاب، قال ابو السعود : أى اصروا على الكفر والتكذيب ولم يرعووا عن ذلك أبدا، فأهلكهم الله بالريح العقيم.
البلاغة :
١ - [ ألا له الخلق والأمر ] الآية على قلة ألفاظها جمعت معاني كثيرة، استوعبت جميع الأشياء على وجه الاستقصاء، حتى قال ابن عمر : من بقي له شيء فليطلبه، وهذا الاسلوب البليغ، الجامع المانع، مداره على جمع الالفاظ القليلة، للمعانى الكثيرة، فقد جمع شئون الكون كله بهذه الآية.
٢ - [ سقناه لبلد ميت ] وصف البلد بالموت (استعارة حسنة) استعار الموت لجدبه وعدم نباته، بتصويره كالجسد الذي لا روح فيه، من حيث عدم الانتفاع به.
٣ - [ كذلك نخرج الموتى ] أى مثل إخراج النبات من الأرض، نخرج الموتى من قبورهم فهو تشبيه (مرسل مجمل ) ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه.
٤ - [ وقطعنا دابر ] قطع الدابر (كناية لطيفة) عن استئصالهم جميعا بالهلاك.
تنبيه :