ذكر العلامة الألوسي عند قوله تعالى :[ ادعوا ربكم تضرعا وخفية ] عن الحسن البصري أنه قال :(لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم، وذلك أنه تعالى يقول :[ ادعوا ربكم تضرعا وخفية ] وأنه سبحانه ذكر عبدا صالحا فقال :[ إذ نادى ربه نداء خفيا ] ثم قال الألوسي : وذكروا للدعاء آدابا كثيرة منها : أن يكون على طهارة، وأن يستقبل القبلة، وتخلية القلب من الشواغل، وافتتاحه واختتامه بالصلاة على النبي، ورفع اليدين نحو السماء، وإشراك المؤمنين فيه، وتحري ساعات الإجابة، كثلث الليل الأخير، ووقت إفطار الصائم، ويوم الجمعة وغير ذلك )
قال الله تعالى :[ وإلى ثمود أخاهم صالحا.. إلى.. فكيف آسى على قوم كافرين ]. من آية (٧٣) إلى نهاية آية (٩٣).
المناسبه :
لما ذكر تعالى في أول السورة قصة آدم، وما أتصل بها من آثار قدرته، وغرائب صنعته، الدالة على توحيده وربوبيته، وأقام الحجة الدامغة على صحة البعث بعد الموت، أتبع ذلك بقصص الأنبياء، وما جرى لهم مع أممهم، فذكر (نوحا وهودا)، ثم أعقبه هنا بذكر قصة (صالح وشعيب )، وموقف المعاندين للرسل الكرام.
اللغه :
[ ناقة ] الناقة : الأنثى من الجمال، وعقر الناقة ضرب قوائمها بالسيف
[ عتوا ] استكبروا عتا عتوا أى إستكبر، والليل العاتي : الشديد الظلمة
[ جاثمين ] لاصقين بالأرض على ركبهم ووجوههم، كما يجثم الطائر
[ الرجفة ] الطامة التي يرجف لها الإنسان أى يتزعزع ويضطرب، وأصل الرجف الاضطراب رجفت الأرض اضطربت
[ الغابرين ] الباقين في عذاب الله، والغابر بمعنى الباقي، وبجيء بمعنى الماضي والذاهب، فهو من الأضداد كما في الصحاح
[ يغنوا ] يقيموا يقال غنى بالمكان إذا أقام به دهرا طويلا
[ عفوا ] كثروا ونموا من عفا النبات إذا كثر.
التفسير :
[ وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ] أى وحدوا الله ولا تشركوا به
[ قد جاءتكم آية من ربكم ] أى جاءتكم معجزة ظاهرة جلية، تدل على صحة نبوتي
[ هذه ناقة الله لكم آية ] هذا بيان للمعجزة أى هذه الناقة معجزتي إليكم، وإضافتها إلى (الله ) للتشريف والتعظيم لأنها خلقت بغير واسطة، قال القرطبى : أخرج لهم الناقة حين سألوه من حجر صلد
[ فذروها تأكل في أرض الله ] أي اتركوها تأكل من رزق ربها
[ ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم ] أى لا تتعرضوا لها بشئ من السوء أصلا إكراما لها لأنها آية الله، والعذاب الأليم : هو الهلاك الذي حل بهم حين عقروها
[ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد ] أى خلفاء في الأرض، قال الشهاب : لم يقل (خلفاء عاد) إشارة إلي أن بينهما زمانا طويلا
[ وبؤاكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا ] أى أسكنكم في أرض (الحجر) تبنون في سهولها قصورا رفيعة
[ وتنحتون الجبال بيوتا ] أى تنحتون الجبال لسكناكم، قال القرطبي : اتخذوا البيوت في الجبال لطول أعمارهم، فإن الأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم
[ فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدبن ] أى اذكروا نعم الله عليكم واشكروه على ما تفضل به، ولا تعيثوا في الأرض فسادا
[ قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم ] أى قال الأشراف المستكبرون من قوم صالح، للمؤمنين المستضعفين من أتباعه
[ أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه ] أى أن الله أرسله إلينا وإليكم، وهذا قالوه على سبيل السخرية والاستهزاء


الصفحة التالية
Icon