[ وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ] أي ما كان جوابهم لنبيهم (لوط ) إذ وبخهم على فعلهم القبيح، إلا أن قال بعضهم لبعض : أخرجوا لوطا وأتباعه المؤمنين من بلدتكم، لأنهم أناس يتنزهون عما نفعله نحن، من إتيان الرجال في الأدبار، قال ابن عباس :[ إنهم أناس يتطهرون ] أى يتقذرون عن إتيان أدبار الرجال والنساء، قالوا ذلك سخرية واستهزاء بلوط وقومه، وعابوهم بما يمدح به الإنسان
[ فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين ] أى أنجيناه من العذاب الذي حل بقومه وأهله المؤمنين، إلا امرإته فلم تنج، وكانت من الهالكين، قال الطبري : أي أنجينا لوطا وأهله المؤمنين به إلا امرأته، فإنها كانت للوط خائنة، وبالله كافرة، فهلكت مع من هلك من قوم لوط، حين جاءهم العذاب
[ وأمطرنا عليهم مطرا ] أى أرسلنا عليهم نوعا من المطر عجيبا، هو حجارة من سجيل كما فى الآية الأخرى [ وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل ] وشبه العذاب بالمطر المدرار لكثرته حيث أرسل إرسال المطر
[ فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ] أى أنظر أيها السامع نظر تفكر وإعتبار، إلى عاقبة هؤلاء المجرمين كيف كانت ؟ وإلى أى شئ صارت ؟ هل كانت إلا البوار والهلاك ؟ ا
[ وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ] أى وأرسلنا إلى أهل مدين (شعيبا) داعيا لهم إلى توحيد الله وعبادته، قال ابن كثير : ومدين تطلق على القبيلة وعلى المدينة، وهي التي بقرب " معان " من طريق الحجاز وهم (أصحاب الأيكة) كما سنذكره ((مختصر ابن كثير، أشار إلى قوله تعالى ﴿كذب أصحاب الأيكة المرسلين، إذ قال لهم شعيب ألا تتقون ﴾ فأهل مدين هم أصحاب الأيكة أي الشجر الكثير الملتف ))
[ قد جاءتكم بينة من ربكم ] أى معجزة تدل على صدقي
[ فأوفوا الكيل والميزان ] أي أتموا للناس حقوقهم، بالكيل الذي تكيلون به، والوزن الذي تزنون به
[ ولا تبخسوا الناس أشياءهم ] أى لا تظلموا الناس حقوقهم، ولا تنقصوهم إياها
[ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ] أى لا تعملوا بالمعاصى بعد إصلاحها ببعثة الرسل
[ ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ] أى ما أمرتكم به من اخلاص العبادة لله وايفاء الناس حقوقهم، وترك الفساد في الأرض، خير لكم إن كنتم مصدقين لي في قولي
[ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به ] أى لا تجلسوا بكل طريق، تخوفون من آمن بالقتل، قال ابن عباس : كانوا يقعدون على الطرقات المفضية إلى شعيب، فيتوعدون من أراد المجيء إليه ويصدونه ويقولون : إنه كذاب فلا تذهب اليه ! ! على نحو ما كانت تفعله قريش مع رسول الله (ص)
[ وتبغونها عوجا ] أي تريدون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة، كما يقول الضالون في هذا الزمان :" هذا الدين لا ينطبق مع العقل، لأنه لا يتمشى مع أهوائهم الفاجرة
[ واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم ] أى كنتم قلة مستضعفين، فأصبحتم كثرة أعزة، فأشكروا الله على نعمته
[ وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين ] هذا تهديد لهم، أي انظروا ما حل بالأمم السابقة، حين عصوا الرسل ؟ كيف إنتقم الله منهم، واعتبروا بهم ؟
[ وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ] أى إذا كان فريق صدقوني فيما جئتهم به، وفريق لم يصدقوني، فاصبروا حتى يفصل الله بحكمه العادل بيننا، وهو خير الفاصلين، قال ابو حيان : هذا الكلام من أحسن ما تلطف به في المحاورة، إذ أبرز (المتحقق ) في صورة (المشكوك ) وهو من بارع التقسيم، فيكون وعدا للمؤمنين بالنصر، ووعيدا للكافرين بالعقوبة والخسار