قال الله تعالى :[ ولقد أخدنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات.. إلى.. لنكونن من الخاسرين ] من آية ( ١٣٠ ) إلى نهاي آية ( ١٤٩ ).
المناسبة :
لما كانت قصة الكليم مع الطاغية فرعون، مملوءة بالعبر والعظات، لذلك استطردت الآبات في الحديث عنهم، فتحدثت عما حل بقوم فرعون من البلايا والنكبات، وما ابتلاهم الله به من القحط والجدب، والطوفان والجراد، وغير ذلك من المصائب، نتيجة إصرارهم على الكفر وتكذيبهم بآيات الله، ثم ذكرت أنواع النعم، التي أنعم الله بها على بني إسرائيل ومن أعظمها إهلاك عدوهم، وقطعهم البحر مع السلامة والأمان.
اللغة :
[ السنين ] جمع سنة وهي الجدب والقحط
[ يطيروا ] يتشاءموا والأصل يتطيروا مأخوذ من الطيرة وهي زجر الطير ثم استعمل في التشاوم
[ الطوفان ] السيل المتلف المدمر
[ القمل ] السوس وهي حشرات صغيرة تكون في الحنطة وغيرها تفسد الحبوب
[ الرجز ] العذاب، والرجس بالسين : النجس، وقد يستعمل بمعنى العذاب
[ اليم ] البحر
[ يعكفون ] عكف على الشيء أقام عليه ولزمه
[ متبر ] مهلك والتبار : الهلاك
[ صعقا ] مغشيا عليها يقال : صعق الرجل إذا أغمى عليه.
التفسير :
[ ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ] اللام موطئة لقسم محذوف أى : والله لقد ابتلينا واختبرنا فرعون وأتباعه، بالجدب والقحط
[ ونقص من الثمرات ] أى وابتليناهم بإذهاب الثمار من كثرة الآفات، فكانت النخلة لا تحمل إلا ثمرة واحدة،
[ لعلهم يذكرون ] أى لعلهم يتعظون وترق قلوبهم، فإن الشدة تجلب الإنابة والخشية، ورقة القلب.. ثم بين تعالى أنهم مع تلك المحن والشدائد، لم يزدادوا إلا تمردا وكفرا، فقال سبحانه
[ فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه ] أى إذا جاءهم الخصب والرخاء، قالوا هذه لنا وبسعدنا ونحن مستحقون لذلك
[ وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ] أي إذا جاءهم الجدب والشدة، تشاءموا بموسى ومن معه من المؤمنين، أى قالوا : هذا بشؤمهم، قال تعالى ردا عليهم
[ ألا إنما طائرهم عند الله ] أى إن ما يصيبهم من خير أو شر بتقدير الله، وليس بشؤم موسى، قال ابن عباس : الأمر من قبل الله، ليس شؤمهم إلا من قبله وحكمه)
[ ولكن أكثرهم لا يعلمون ] أي لا يعلمون أن ما لحقهم من القحط والشدائد والبلايا، من عند الله بسبب معاصيهم، لا من عند موسى
[ وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ] أى قال قوم فرعون لموسى : أى شيء تأتينا به يا موسى من المعجزات، لتصرفنا عما نحن عليه فلن نؤمن لك ! ؟ قال الزمخشري : فإن قلت : كيف سموها آية، ثم قالوا [ لتسحرنا بها ] ؟ قلت : ما سموها آية لاعتقادهم أنها آية، وإنما قصدوا بذلك الاستهزاء والتلهي قال تعالى
[ فأرسلنا عليهم الطوفان ] أى أرسلنا عليهم المطر الشديد، حتى كادوا يهلكون، قال ابن عباس : الطوفان كثرة الأمطار المغرقة، المتلفة للزروع والثمار
[ والجراد ] أي وأرسلنا عليهم كذلك الجراد، فأكل زروعهم وثمارهم حتى أكل ثيابهم
[ والقمل ] وهو السوس حتى نخر حبوبهم، وتتبع ما تركه الجراد، وقيل : هو القمل المشهور كان يدخل بين ثوب أحدهم وجلده فيمصه
[ والضفادع ] جمع ضفدع حتى ملأت بيوتهم وطعامهم، وإذا تكلم أحدهم وثبت الضفدع إلى فمه
[ والدم ] أى صارت مياههم دما، فما يستقون من بئر ولا نهر إلا وجدوه دما
[ آيات مفصلات ] أى علامات فيها عبر وعظات، ومع ذلك استكبروا عن الإيمان
[ فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ] اي استكبروا عن الإيمان بها لغلوهم في الإجرام
[ ولما وقع عليهم الرجز ] أى وحين نزل بهم العذاب المذكور


الصفحة التالية
Icon