[ ولا يقبل منها شفاعة ] أي لا تقبل شفاعة فى نفس كافرة بالله أبدا
[ ولا يؤخذ منها عدل ] أي لا يقبل منها فداء
[ ولا هم ينصرون ] أي ليس لهم من يمنعهم وينجيهم من عذاب الله.
البلاغة :
أولا :[ أتأمرون ] الاستفهام خرج عن حقيقته إلى معنى التوبيخ والتقريع.
ثانيا : أتى بالمضارع [ أتأمرون ] وإن كان قد وقع ذلك منهم، لأن صيغة المضارع تفيد التجدد والحدوث، وعبر عن ترك فعلهم بالنسيان [ وتنسون أنفسكم ] مبالغة فى الترك، فكأنه لا يجري لهم على بال، وعلقه بالأنفس توكيدا للمبالغة في الغفلة المفرطة، ولا يخفى ما في الجملة الحالية [ وأنتم تتلون الكتاب ] من التبكيت والتقريع والتوبيخ، على سوء الفعل والصنيع!!
ثالثا :[ وأني فضلتكم على العالمين ] هو من باب عطف الخاص على العام لبيان الكمال، لأن النعمة اندرج تحتها التفضيل المذكور، فلما قال :[ اذكروا نعمتي ] عم جميع النعم فلما عطف [ وأني فضلتكم ] كان من باب عطف الخاص على العام، اعتناء بشأن الخاص، لأنه نعمة أكبر.
رابعاً :[ واتقوا يوما ] التنكير للتهويل أي يوما شديد الهول، وتنكير النفس [ نفس عن نفس ] ليفيد العموم والإقناط الكلي.
الفوائد :
الفائدة الأولى : قال القرطبي : إنما خص الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات، تنويهاً بذكرها، وقد كان عليه السلام إذا حز به أمر (أغمه) فزع إلى الصلاة، وكان يقول (أرحنا بها يا بلال).
الثانية : قال علي كرم الله وجهه :" قصم ظهري رجلان : عالم متهتك، وجاهل متنسك " ومن دعا غيره إلى الهدى ولم يعمل به، كان كالسراج يضئ للناس ويحرق نفسه، قال الشاعر :
إبدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى بالرأي منك وينفع التعليم
وقال أبو العتاهية : وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى وريح الخطايا من ثيابك تسطع
وقال آخر : وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوى الناس وهو عليل
قال الله تعالى :[ وإذ نجيناكم من آل فرعون.. إلى.. إنه هو التواب الرحيم ] من آية (٤٩) غلى نهاية آية (٥٤).
المناسبة :
لما قدم تعالى ذكر نعمه على بني إسرائيل إجمالاً، بين بعد ذلك أقسام تلك النعم على سبيل التفصيل، ليكون أبلغ فى التذكير، وأدعى إلى الشكر، فكأنه قال : اذكروا نعمتي، واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون، واذكروا إذ فرقنا بكم البحر.. إلى آخره، وكل هذه النعم تستدعي شكر المنعم جل وعلا، لا كفرانه وعصيانه!!
اللغة :
[ آل فرعون ] أصل " آل " أهل، ولذلك يصغر بأهيل، فأبدلت هاؤه ألفا، وخص استعماله بأولي الخطر والشأن كالملوك وأشباههم، فلا يقال آل الإسكاف والحجام، و[ فرعون ] علم لمن ملك العمالقة، كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس، ولعتوا الفراعنة اشتقوا منه " تفرعن " : إذا عتا وتجبر
[ يسومونكم ] يذيقونكم من سامه إذا أذاقه وأولاه، قال الطبري : يوردونكم ويذيقونكم.
[ يستحيون ] يستبقون الإناث على قيد الحياة
[ بلاء ] اختبار ومحنة، ويستعمل في الخير والشر كما قال تعالى :[ ونبلوكم بالشر والخير فتنة ]
[ فرقنا ] الفرق : الفصل والتمييز، ومنه قوله سبحانه [ وقرآنا فرقناه ] أي فصلناه وميزناه بالبيان
[ بارئكم ] الباري هو الخالق للشئ على غير مثال سابق، والبرية : الخلق.
التفسير :
[ وإذ نجيناكم ] أي اذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم حين نجيت آباءكم
[ من آل فرعون ] أي من بطش فرعون وأشياعه العتاة، والخطاب للأبناء المعاصرين للنبى (ص)، لأن النعمة على الآباء نعمة على الأبناء
[ يسومونكم سوء العذاب ] أي يولونكم ويذيقونكم أشد العذاب وأفظعه
[ يذبحون أبناءكم ] أي يذبحون الذكور من الأولاد
[ ويستحيون نساءكم ] أي يستبقون الإناث على قيد الحياة للخدمة