[ سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ] أى سأمنع المتكبرين عن فهم آياتى، فلا يتفكرون ولا يتدبرون بما فيها، وأطمس على قلوبهم، عقوبة لهم على تكبرهم، قال الزمخشري : وفيه إنذار للمخاطبين من عاقبة الذين يصرفون عن آيات الله، لتكبرهم وكفرهم بها، لئلا. يكونوا مثلهم فيسلك بهم سبيلهم
[ وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ] أى وإن يشاهدوا كل آية قرآنية، من الآيات المنزلة عليهم، أو يروا كل معجزة ربانية لا يصذقوا بها
[ وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ] أى وإن يروا طريق الهدى والفلاح لا يسلكوه
[ وإن يروا سبيل الغى يتخذوه سبيلا ] أى وإن يروا طريق الضلال والفساد سلكوه، والآية كقول سبحانه [ وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ]
[ ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا ] أى ذلك الانحراف عن هدي الله وشرعه، بسبب تكذيبهم بآيات الله
[ وكانوا عنها غافلين ] أى وغفلتهم عن الآيات التي بها سعادتهم، حيث لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون
[ والذين كذبوا بآياتنا ] أى جحدوا بما أنزل الله
[ ولقاء الآخرة ] أى وكذبوا بلقاء الله في الآخرة أى لم يؤمنوا بالبعث بعد الموت
[ حبطت أعمالهم ] أى بطلت أعمالهم الخيرية التي عملوها في الدئيا، من إحسان، وصلة رحم، وصدقة وأمثالها، وذهب ثوابها لعدم الإيمان
[ هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ] أى هل يعاقبون إلا بما عملوا في الدنيا ؟
[ واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ] قال الحافظ ابن كثير : يخبر تعالى عن ضلال من ضل من بني إسرائيل في عبادتهم العجل، الذي اتخذه لهم السامر من الحلي، فشكل لهم منه عجلا جسدا لا روح فيه، وقد احتال بإدخال الريح فيه حتى صار يسمع له خوار أى صوت كصوت البقر ومعنى [ من بعده ] أى من بعد ذهاب موسى إلى الطور لمناجاة ربه
[ ألم يروا انه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا ] الاستفهام للتقريع والتوبيخ أى كيف عبدوا العجل واتخذوه إلها، مع أنه ليس فيه شيء من صفات الخالق الرازق ؟ فإنه لا يملك قدرة الكلام، ولا قدرة هدايتهم الى سبيل السعادة، فكيف يتخذ إلها ؟
[ اتخذوه وكانوا ظالمين ] أى عبدوا العجل واتخذوه إلها، قكانوا ظالمين لأنفسهم، حيث وضعوا الأشياء في غير موضعها، وتكرير لفظ [ اتخذوا ] لمزيد التشنيع عليهم
[ ولما سقط في أيديهم ] أى ندموا على جنايتهم، واشتد ندمهم وحسرتهم على عبادة العجل
[ ورأوا أنهم قد ضلوا ] أى تبينوا ضلالهم تبينا جليا كأنهم أبصروه بعيونهم
[ قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا ] أى لئن لم يتداركنا الله برحمته ومغفرته
[ لنكونن من الخاسرين ] أى لنكونن من الهالكين، فنخسر حياتنا وسعادتنا، قال ابن كثير : وهذا اعتراف منهم بذنبهم والتجافى إلى الله عز وجل
البلاغة :
١ - [ فإذا جاءتهم الحسنة ] بين لفظ (الحسنة) و(السيئة) طباق كما أن بين لفظ طائرهم [ يطيروا ] جناس الاشتقاق وكلاهما من المحسنات البديعية.
٢ - [ ودمرنا ما كان يصنع ] عدل عن الماضى إلى المضارع لاستحضار الصورة في ذهن المخاطب، ومثله [ وما كانوا يعرشون ] والأصل ما صنعوا وما عرشوا.
٣ - [ إنكم قوم تجهلون ] أتى بلفظ تجهلون ولم يقل : جهلتم اشعارا بأن ذلك منهم كالطبع والغريزة، لا ينتقلون عنه في ماضبى ولا مستقبل.
٤ - [ سأريكم دار الفاسقين ] فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، للمبالغة في الحض على نهج سبيل الصالحين، والأصل ان يقال : سأريهم.
٥ - [ ولما سقط في ايديهم ] كناية عن شدة الندم لأن النادم يعض على يده غما.
٦ - بين لفظ [ مشارق ] و[ مغارب ] طباق وهو من المحسنات البديعية.
تنبيه :