[ وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ] أي وأذكر يا أيها الرسول حين أعلم ربك اعلاما واضحا، ليسلطن على اليهود إلى قيام الساعة من يذيقهم أسوأ العذاب، بسبب عصيانهم ومخالفتهم أمر الله، واحتيالهم على المحارم، وقد سلط الله عليهم " محمدا " (ص) فطهر الأرض من رجسهم، وأجلاهم عن الجزيرة العربية، وسلط الله عليهم (بختنصر) فقتلهم وسباهم، وسلط عليهم (النصارى) فأذلوهم وضربوا عليهم الجزية، وسلط عليهم أخيرا (هتلر) فاستباح حماهم وكاد أن يبيدهم ويفنيهم بالقتل والتشريد في الأرض، ولا يزال وعد الله بتسليط العذاب عليهم ساريا، إلى أن يقتلهم المسلمون في المعركة الفاصلة ((وهو قوله (ص) في الحديث الذي رواه مسلم " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبىء اليهودي وراء الشجر أو الحجر، فينطق الله الشجر والحجر، فيقول : يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله.. ) وهذا الحديث من معجزات النبوة )) إن شاء الله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
[ إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم ] أى سريع العقاب لمن عصاه، وغفوز رحيم لمن أطاعه
[ وقطعناهم في الأرض أمما ] أى فرقناهم في البلاد طوائف وفرقا، ففي كل بلدة فرقة منهم، وليس لهم إقليم يملكونه، حتى لا تكون لهم شوكة، وما اجتمعوا في الأرض المقدسة في هذه الأيام، إلا ليذبحوا بأيدي المؤمنين إن شاء الله، كما وعد بذلك رسول الله، حيث قال :" لا تقوم الساعة حتى يقابل المسلمون اليهود ٠٠٠ " الحديث.. ثم بين تعالى أنهم ليسوا جميعا فجارا، بل فيهم الأخيار وفيهم الأشرار فقال سبحانه
[ منهم الصالحون ومنهم دون ذلك ] أى منهم من آمن وهم قلة قليلة، ومنهم من انحط عن درجة الصلاح، بالكفر والفسوق وهم الكثرة الغالبة
[ وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ] أى اختبرناهم بالنعم والنقم، والشدة والرخاء، لعلهم يرجعون عن الكفر والمعاصي
[ فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب ] أى خلف من بعد ذلك الجيل الذي فيهم الصالح والطالح، خلف آخر لا خير فيهم، ورثوا الكتاب وهو التوراة عن آبائهم
[ يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا ] أي يأخذون ذلك الشيء الدنيء من حطام الدنيا من حلال وحرام، ويقولون متبجحين : سيغفر الله لنا ما فعلناه، وهذا اغترار منهم وكذب على الله
[ وأن يأتهم عرض مثله يأخذوه ] أى يرجون المغفرة وهم مصرون على الذنب، كلما لاح لهم شيء من حطام الدنيا أخذوه، لا يبالون من حلال كان أو من حرام
[ ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ] الاستفهام للتوبيخ والتقريع، أى ألم يؤخذ عليهم العهد المؤكد في التوراة أن يقولوا الحق ولا يكذبوا على الله ؟ فكيف يزعمون نه سيغفر لهم مع إصرارهم على المعاصي وأكل الحرام ؟
[ ودرسوا ما فيه ] في هذا أعظم التوبيخ لهم أى والحال أنهم درسوا ما في الكتاب، وعرفوا ما فيه المعرفة التامة، من الوعيد على قول الباطل والإفتراء على الله
[ والدار الآخرة خير للذين يتقون ] أى والآخرة خير للذين يتقون الله بترك الحرام
[ أفلا يعقلون ] ؟ الاستفهام للإنكار أى أفلا ينزجرون ويعقلون ؟ والمراد أنهم لو كانوا عقلاء لما آثروا الفانية على الباقية
[ والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة ] أن يتمسكون في أمور دينهم بما أنزله الله، ويحافظون على أداء الصلاة في أوقاتها
[ إنا لا نضيع أجر المصلحين ] أى لا نضيع أجرهم بل نجزيهم على تمسكهم وصلاحهم، أفضل وأكرم الجزاء.
البلاغة :