[ من يضلل الله فلا هادي له ] أى من كتب الله عليه الضلالة فإنه لا يهديه أحد
[ ويذرهم في طغيانهم يعمهون ] أى ويتركهم في كفرهم وتمردهم يترددون ويتحيرون.
البلاغة :
١ - [ وإذ أخذ ربك ] فيه التفات من المتكلم إلى المخاطب والأصل وإذ أخذنا والنكتة فى ذلك تعظيم شأن الرسول بتوجيه الخطاب له.
٢ - [ فانسلخ منها ] أى خرج منها بالكلية انسلاخ الجلد من الشاة.
٣- [ فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ] تشبيه تمثيلي أى حاله فى السوء، كحال أخس الحيوانات وأسفلها، وهي حالة الكلب في دوام لهثه، في حالتي (التعب ) و(الراحة) فالصورة منتزعة من متعدد، ولهذا يسمى (التشبيه التمثيلى).
٤ - [ أولئك كالأنعام ] التشبيه هنا (مرسل مجمل ) لذكر أداة التشبيه، وحذت وجه الشبه.
فائدة :
روي عن ابن عباس في قوله تعالى :[ ألست بربكم قالوا بلى ] أنه قال : لو قالوا " نعم، لكفروا، ووجهه ان " نعم " تصديق للمخبر بنفي أو ايجاب، فكأنهم أقروا أنه ليس ربهم، بخلاف " بلى " فإنها حرف جواب، تصديق للمخبر بالنفى وتفيد إبطاله، فالمعنى : بلى أنت ربنا، ولو قالوا نعم لصار المعنى : نعم لست ربنا، فهذا وجه قول ابن عباس، فتنبه له فإنه دقيق.
تنبيه :
في الحديث الشريف أن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة " رواه الترمذي، قال العلماء : معناه من حفظها وتفكر في مدلولها دخل الجنة، وليس المراد حصر أسمائه تعالى في هذه التسعة والتسعين بدليل ما جاء في الحديث الآخر (أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) وقد ذكر ابن العربي عن بعضهم أن لله تعالى ألف اسم، والله أعلم.
قال الله تعالى :[ يسئلونك عن الساعة أيان مرساها... إلى.. ويسبحونه وله يسجدون ] من آية (١٨٧ ) إلى آية (٢٠٦) نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى موقف المستهزئين من دعوة الرسول (ص)، ذكر هنا طرفا من عنادهم واستهزائهم، بسؤالهم الرسول (ص) عن وقت (قيام الساعة)، ثم ذكر الحجج والبراهين على بطلان عقيدة المشركين، في عبادة الأوثان والأصنام، وختم السورة الكريمة ببيان عظمة شأن القرآن، ووجوب الاستماع والإنصات له عند تلاوته.
اللغة :
[ مرساها ] استقرارها وحصولها، من أرساه إذا أبيته وأقره ومنه رسمت السفينة إذا ثبتت ووقفت
[ يجليها ] يظهرها، والتجلية : الكشف والإظهار
[ حفى ] الحفى : المستقصي للشيء المعتنى بأمره، قال الأعشى : فإن تسألنى عنى فيارب سائل حفى على الأعشى به حيث أصعدا والإحفاء الاستقصاء، ومنه إحفاء الشوارب، وحفي بالشيء : إذا بحث للتعرف عن حاله
[ العرف ] المعروف وهو كل خصلة حميدة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس
[ الآصال ] جمع أصيل قال الجوهري : والأصيل الوقت من بعد العصر إلى المغرب٠
سبب النزول :
روي أن المشركين قالوا للنبي (ص) : إن كنت نبيا فأخبرنا عن الساعة متى تقوم ؟ فأنزل الله [ يسألونك عن الساعة أيان مرساها ].
التفسير :
[ يسألونك عن الساعة ] أى يسألونك يا محمد عن القيامة
[ أيان مرساها ] أى متى وقوعها وحدوثها ؟ وسميت القيامة (ساعة) لسرعة ما فيها من الحساب
[ قل إنما علمها عند ربي ] أى قل لهم يا محمد : لا يعلم الوقت الذي يحصل قيام القيامة فيه، إلا الله سبحانه، ثم أكد ذلك بقوله
[ لا يجليها لوقتها إلا هو ] أى لا يكشف أمرها ولا يظهرها للناس إلا الرب سبحانه بالذات، فهو العالم بوقتها
[ ثقلت في السموات والأرض ] أى عظمت على أهل السموات والأرض حيث يشفقون منها ويخافون شدائدها وأهوالها
[ يسألونك كأنك حفى عنها ] أى يسألونك يا محمد عن وقتها، كأنك كثير السؤال عنها شديد الطلب لمعرفتها