[ قل إنما علمها عند الله ] أى لا يعلم وقتها إلا الله لأنها من الأمور الغيبية التي استأثر بها علام الغيوب
[ ولكن أكثر الناس لا يعلمون ] أى لا يعلمون السبب الذي لأجله أخفيت ! ! قال الإمام الفخر : والحكمة في اخفاء الساعة عن العباد، أنهم إذا لم يعلموا متى تكون، كانوا على حذر منها، فيكون ذلك أدعى إلى الطاعة، وأزجر عن المعصية
[ قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ] أي لا أملك أن اجلب إلى نفسي خيرا، ولا أدفع عنها شرا إلا بمشيئته تعالى، فكيف أملك علم الساعة ؟
[ ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير ] أى لو كنت أعرف أمور الغيب، لحصلت كثيرا من منافع الدنيا وخيراتها، ودفعت عني آفاتها ومضراتها
[ وما مسني السوء ] أى ولو كنت أعلم الغيب لاحترست من السوء، ولكن لا أعلمه، فلهذا يصيبني ما قدر لي من الخير والشر
[ إن أنا إلا نذير وبشير ] أى ما أنا إلا عبد مرسل للإنذار والبشارة
[ لقوم يؤمنون ] أى لقوم يصدقون بما جئتهم به من عند الله
[ هو الذي خلقكم من نفس واحدة ] أي هو سبحانه ذلك العظيم الشأن، الذي خلقكم جميعا من [ نفس واحدة ] هي آدم عليه السلام
[ وجعل منها زوجها ] أى وخلق منها حواء
[ ليسكن إليها ] أى ليطمئن إليها ويستأنس بها
[ فلما تغشاها حملت حملا خفيفا ] أى فلما جامعها حملت بالجنين حملا خفيفا دون إزعاج، لكونه نطفة في بادىء الأمر، فيكون أخف عليها بالنسبة إلى ما بعد ذلك
[ فمرت به ] أى استمرت به إلى حين ميلاده
[ فلما أثقلت ] أى ثقل حملها وصارت به ثقيلة لكبر الحمل في بطنها
[ دعوا الله ربهما ] أى دعوا الله مربيهما ومالك أمرهما
[ لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين ] أى لئن رزقتا ولدا صالحا سوى الخلقة، لنشكرنك على نعمائك
[ فلما آتاهما صالحا ] أى فلما وهبهما الولد الصالح السوي
[ جعلا له شركاء فيما آتاهما ] أي جعل أبناء آدم وذريته، شركاء مع الله فعبدوا الأوثان والأصنام (( ذهبنا إلى هذا الرأي لجلائه ووضوحه، وهو ما رجحه المحققون من أهل العلم، وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الاية في " ادم وحواء " وأن الضمير في قوله تعالى :﴿جعلا له شركاء﴾ يعود إليهما، ورووا في ذلك أحاديث وآثارا، منها ما روي عن سمرة مرفوعا قال :" لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه :" عبد الحارث " فانه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان " قال الحافظ ابن كثير : وهذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه وقد وضحها رحمه الله ورجح أن الحديث موقوف، وضعف ما ورد من اثار، ثم روى بسنده عن الحسن البصري أنه قال : كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بأدم ثم قال ابن كثير : وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق " آدم وحواء " وإنما المراد المشركون من ذريته، بدليل قول الله بعده ﴿فتعالى الله عما يشركون ﴾ أقول : وهو الحق الذي لا محيد عنه، لأن نسبة أدم إلى الشرك وهو نبى كريم أمر خطير))
[ فتعالى الله عما يشركون ] أى تنزه وتقدس الله عما ينسبه إليه المشركون
[ أيشركون ما لا يخلق شيئا ] الاستفهام للتوبيخ أى أيشركون مع الله ما لا يقدر على خلق شيء أصلا
[ وهم يخلقون ] أى والحال إن تلك الأوثان والألهة مخلوقة، فكيف يعبدونها مع الله ؟
[ ولا يستطيعون لهم نصرا ] أى لا تستطيع هذه الأصنام نصر عابديها
[ ولا أنفسهم ينصرون ] أى ولا ينصرون أنفسهم ممن أرادهم بسوء، فهم في غاية العجز والذلة، فكيف يكونون آلهة ؟
[ وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم ] أى أن الأصنام لا تجيب إذا دعيت إلى خير أو رشاد، لأنها جمادات