[ سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ] أى يتساوى في عدم الافادة، دعاؤكم لهم وسكوتكم ؟ قال ابن كثير : يعني أن هذه الأصنام لا تسمع دعاء من دعاها، وسواء لديها من دعاها ومن دحاها، كما قال إبراهيم [ يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ]
[ إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ] أى أن الذين تعبدونهم من دونه تعالى من الأصنام، وتسمونهم آلهة، مخلوقون مثلكم بل الأناس أكمل منها، لأنها تسمع وتبصر وتبطش، وتلك لا تفعل شيئا من ذلك، فلهذا قال
[ فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ] أمر على جهة التعجيز والتبكيت أى ادعوهم في جلب نفع أو دفع ضر، إن كنتم صادقين في دعوى أنها الهة ((قال الحافظ ابن كثير : أسلم (معاذ بن جبل ) و(معاذ بن عمرو بن الجموح ) وكانا شابين فكانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين يكسرانها ويتخذانها حطبا، وكان لعمرو بن الجموح - وهو سيد قومه - صنم يعبده ويطيبه فكانا يجيئان في الليل فينكسانه على رأسه ويلطخانه بالعذرة - النجس - فيجيء عمرو بن الجموح فيرى ما صنع به فيغسله ويطيبه، ويضع عنده سيفا ويقول له : انتصر، ثم يعودان لمثل ذلك ويعود إلى صنيعه، حتى أخذاه مرة فقرناه مع كلب ميت ودلياه في بئر هناك، فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك، علم أن ما عليه من الدين باطل فأنشد يقول :" تالله لوكنت إلها مستدن لم تك والكلب جميعا في قرن ) ثم اسلم فحسن إسلامه، وقتل يوم أحد شهيدا، رضي الله عنه وأرضاه. تفسير ابن كثير))
[ ألهم أرجل يمشون بها ] توبيخ إثر توبيخ، أي هل لهذه الأصنام أرجل تقدر على المشي
[ أم لهم أيد يبطشون بها ] أى أم هل لهم أيد تفتك وتبطش بمن أرادها بسوء ؟
[ أم لهم أعين يبصرون بها ] أى أم هل لهم أعين تبصر بها الأشياء ؟
[ أم لهم أذان يسمعون بها ] أى أم هل لهم آذان تسمع بها الاصوات ؟ والغرض بيان جهلهم وتسفيه عقولهم، في عبادة جمادات لا تسمع ولا تبصر، ولا تغني عن عابدها شيئا، لأنها فقدت الحواس، وفاقد الشيء لا يعطيه، والإنسان أفضل بكثير من هذه الأصنام، لوجود العقل والحواس فيه، فكيف يليق بالأكمل الأشرف أن يشتغل بعبادة الأخس الأدون، الذي لا يحس منه فائدة أبدا، لا في جلب منفعة ولا في دفع مضرة ؟!
[ قل ادعوا شركاءكم ] أى قل لهم يا محمد ادعوا أصنامكم، واستنصروا واستعينوا بها علي
[ ثم كيدون فلا تنظرون ] أى ابذلوا جهدكم أنتم وهم في الكيد لي، وإلحاق الآذى والمضرة بي، ولا تمهلوني طرفة عين، فإني لا أبالي بكم لاعتمادي على الله، قال الحسن : خوفوا الرسول (ص) بآلهتهم، فأمره تعالى أن يجابههم بذلك
[ ن وليي الله الذي نزل الكتاب ] أى إن الذي يتولى نصري وحفظى، هو الله الذي نزل علي القرآن
[ وهو يتولى الصالحين ] أى هو جل وعلا يتولى عباده الصالحين، بالحفظ والتأييد، وهو وليهم في الدنيا والآخرة
[ والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون ] كرره ليبين أن ما يعبدونه لا ينفع ولا يضر
[ وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا ] أى وان تدعوا هذه الأصنام إلى الهداية والرشاد، لا يسمعوا دعاءكم، فضلا عن المساعدة والإمداد
[ وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ] أى وتراهم يقابلونك بعيون مصورة، كأنها ناظرة وهي جماد لا تبصر، لأن لهم صورة الأعين وهم لا يرون بها شيئا
[ خذ العفو ] أمر له عليه الصلاة والسلام بمكارم الأخلاق، أى خذ بالسهل اليسير في معاملة الناس ومعاشرتهم، قال ابن كثير : وهذا أشهر الأقوال ويشهد له قول جبريل للرسول (ص) " إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطى من حرمك، وتصل من قطعك،
[ وأمر بالمعروف ] أي بالمعروف والجميل، المستحسن من الأقوال والأفعال