[ وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ] أى وتحبون أن تلقوا الطائفة التي لا سلاح لها وهي العير لأنها كانت محملة بتجارة قريش، قال المفسرون : روي أن عير قريش أقبلت من الشام، وفيها تجارة عظيمة برآسة أبي سفيان، ونزل جبريل عليه السلام فقال يا محمد : إن الله وعدكم إحدى الطائفتين : إما العير وإما قريشا، فاستشار الرسول، أصحابه، فاختاروا العير لخفة الحرب وكثرة الغنيمة، فلما خرجوا بلغ الخبر أهل مكة، فنادى أبو جهل : يا أهل مكة النجاء النجاء، عيركم أموالكم إن أصابها محمد، لن تفلحوا بعدها أبدا، فخرج المشركون على كل صعب وذلول، ومعهم أبو جهل حتى وصلوا بدرا، ونجت القافلة فأخبر الرسول، أصحابه وقال لهم : إن العير قد مضت على ساحل البحر، وهذا أبو جهل قد أقبل، فقالوا يا رسول الله : عليك بالعير ودع العدو، فغضب رسول الله فقام (سعد بن عباده ) فقال : امض بنا لما شئت فإنا متبعوك، وقام سعد بن معاذ فقال : والذي بعثك بالحق، لو خضت بنا البحر لخضناه معك فسر بنا على بركة الله، فسر رسول الله، وقال لأصحابه : سيروا على بركة الله وأبشروا، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني انظر الى مصارع القوم
[ ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ] أى يظهر الدين الحق وهو الإسلام، بقتل الكفار وإهلاكهم يوم بدر
[ ويقطع دابر الكافرين ] أى يستأصل الكافرين ويهلكهم جملة من أصلهم، قال في البحر : والمعنى أنكم ترغبون في الفائدة العاجلة، وسلامة الأحوال، وسفساف الأمور، والله معالى يريد معالي الأمور، وإعلاء الحق، والفوز في الدارين، وشتان ما بين المرادين، ولذلك اختار لكم ذات الشوكة، وأراكهم عيانا كيف خذلهم، فنصركم وهزمهم، واذلهم واعزكم
[ ليحق الحق ويبطل الباطل ] متعلق بمحذوف تقديره : ليحق الحق ويبطل الباطل فعل ما فعل، والمراد إظهار الإسلام وإبطال دابر الكفر
[ ولو كره المجرمون ] أي ولو كره المشركون ذلك أى إظهار الإسلام وإبطال الشرك
[ إذ تستغيثون ربكم ] أى اذكروا حين تطلبون من ربكم الغوث بالنصر على المشركين، روي أن رسول الله (ص) نظر الى المشركين وهم الف، وإلى أصحابه وهم ثلاثمائة وبضعة عشر، فاستقبل القبلة ومد يديه يدعو : اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تعبد في الأرض، فما زال كذلك حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأخذه أبو بكر فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال : يا نبى الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ! ! فنزلت هذه الآية
[ فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة ] أى استجاب الله الدعاء بأني معينكم بألف من الملائكة
[ مردفين ] أى متتابعين يتبع بعضهم بعضا، قال المفسرون : ورد أن جبريل نزل بخمسمائة وقاتل بها في يمين الجيش، ونزل ميكائيل بخمسمائة وقاتل بها في يسار الجيش، ولم يثبت أن الملائكة قاتلت في وقعة إلا في (بدر)، وأما في غيرها فكانت تنزل الملائكة، لتكثير عدد المسلمين ولا تقاتل "
[ وما جعله الله إلا بشرى ] أى وما جعل إمدادكم بالملائكة إلا بشارة لكم بالنصر
[ ولتطمئن به قلوبكم ] أي ولتسكن بهذا الإمداد نفوسكم
[ وما النصر إلا من عند الله ] أى وما النصر في الحقيقة إلا من عند الله العلي الكبير، فثقوا بنصره ولا تتكلوا على قوتكم وعدتكم
[ إن الله عزيز حكيم ] أى غالب لا يغلب، يفعل ما تقضي به الحكمة