[ إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ] أى يلقي عليكم النوم أمنا من عنده سبحانه وتعالى، وهذه معجزة لرسول الله، حيث غشي الجميع النوم في وقت الخوف ! ! قال علي رضي الله عنه :(ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا الا نائم، إلا رسول الله يصلي تحت شجرة ويبكي حتى أصبح ) قال ابن كثير : وكأن ذلك كان للمؤمنين عند شدة البأس، لتكون قلوبهم أمنة مطمئنة بنصر الله
[ وينزل عليكم من السماء ماء ] تعديد لنعمة أخرى، وذلك أنهم عدموا الماء في غزوة بدر فأنزل الله عليهم المطر حتى سالت الأودية، وكان منهم من أصابته جنابة فتطهر بماء المطر
[ ليطهركم به ] أى من الاحداث والجنابات
[ ويذهب عنكم رجز الشيطان ] أى يدفع عنكم وسوسته وتخويفه إياكم من العطش، قال البيضاوي : روي أنهم نزلوا في كثيب أعفر، تسوخ فيه الأقدام على غير ماء، وناموا فاحتلم اكثرهم، فوسوس إليهم الشيطان وقال : كيف تنصرون وقد غلبتم على الماء، وأنتم تصلون محدثين مجنبين، وتزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله ؟ فأنزل الله المطر حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة
[ وليربط على قلوبكم ] أى يقويها بالثقة بنصر الله
[ ويثبت به الأقدام ] أى يثبت بالمطر الأقدام حتى لا تسوخ في الرمل، قال الطبري : ثبت الله بالمطر أقدامهم لأنهم كانوا التقوا مع عدوهم على رملة ميثاء، فلبدها المطر حتى صارت الأقدام عليها ثابتة لا تسوخ فيها
[ إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم ] تذكير بنعمة أخرى أى يوحي الله إلى الملائكة بأني معكم بالعون والنصر
[ فثبتوا الذين آمنوا ] أى ثبتوا المؤمنين وقووا أنفسهم على أعدائهم
[ سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب ] أى سأقذف في قلوب الكافرين الخوف والفزع حتى ينهزموا
[ فاضربوا فوق الأعناق ] أى اضربوهم على الأعناق كقوله [ فضرب الرقاب ] وقيل : المراد الرءوس لأنها فوق الأعناق
[ واضربوا منهم كل بنان ] أى اضربوهم على أطراف الأصابع، قال في التسهيل : وفائدة ذلك أن المقاتل إذا ضربت أصابعه تعطل عن القتال فأمكن أسره وقتله
[ ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ] أى ذلك العذاب الفظيع واقع عليهم، بسبب مخالفتهم وعصيانهم لأمر الله وامر رسوله
[ ومن يشاقق الله فإن الله شديد العقاب ] أى ومن يخالف أمر الله وأمر رسوله بالكفر والعناد، فإن عذاب الله شديد له
[ ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار ] أى ذلكم العقاب فذوقوه يا معشر الكفار في الدنيا، مع أن لكم العقاب الآجل في الآخرة وهو عذاب النار
[ يا ايها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا ] أى إذا لقيتم أعداءكم الكفار مجتمعين كأنهم لكثرتهم يزحفون زحفا
[ قلا تولوهم الأدبار ] أى فلا تنهزموا أمامهم، بل اثبتوا واصبروا
[ ومن يولهم يومئذ دبره ] أى ومن يولهم يوم اللقاء ظهره منهزما
[ الا متحرفا لقتال ] أى إلا في حال التوجه إلى قتال طائفة أخرى، او بالفر للكر بأن يخيل الى عدوه أنه منهزم ليغره مكيدة، وهو من باب " الحرب خدعة "
[ او متحيزا الى فئة ] أى منضما الى جماعة المسلمين يستنجد بهم
[ فقد باء بغضب من الله ] أى فقد رجع بسخط عظيم
[ ومأواه جهنم ] أى مقره ومسكنه الذي يأوي اليه نار جهنم
[ وبئس المصير ] أى بئس المرجع والمآل
[ فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ] أى فلم تقتلوهم أيها المسلمون ببدر بقوتكم وقدرتكم، ولكن الله قتلهم بنصركم عليهم، وإلقاء الرعب في قلوبهم
[ وما رميت إذ رميت ] أى وما رميت في الحقيقة أنت يا محمد أعين القوم بقبضة من تراب، لأن كفا من تراب لا يملأ عيون الجيش الكبير، قال ابن عباس : أخذ رسول الله (ص) قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين وقال : شاهت الوجوه، فلم يبق أحد منهم إلا اصاب عينيه ومنخريه من تلك الرمية، فولوا مدبرين


الصفحة التالية
Icon