[ ولكن الله رمى ] أى بإيصال ذلك اليهم فالأمر في الحقيقة من الله
[ وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا ] أى فعل ذلك ليقهر الكافرين وينعم على المؤمنين بالأجر والنصر والغنيمة
[ إن الله سميع عليم ] أى سميع لأقوالهم، عليم بنياتهم وأحوالهم
[ ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين ] أى ذلك الذي حدث من قتل المشركين ونصر المؤمنين حق، والغرض منه إضعاف وتوهين كيد الكافرين حتى لا تقوم لهم قائمة
[ إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ] هذا خطاب لكفار قريش أي إن تطلبوا يا معشر الكفار الفتح والنصر على المؤمنين، ققد جاءكم الفتح وهو الهزيمة والقهر، وهذا على سبيل التهكم بهم، قال الطبري : قال ابو جهل يوم بدر : اللهم أينا كان أفجر، وأقطع للرحم، فأحنه اليوم - أي أهلكه فأنزل الله
[ إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ] فكان أبو جهل هو المستفتح
[ وإن تنتهوا فهو خير لكم ] أي وإن تكفوا يا معشر قريش عن حرب الرسول ومعاداته، وعن الكفر بالله ورسوله فهو خير لكم في دنياكم وآخرتكم
[ وإن تعودوا نعد ] أى وإن تعودوا لحربه وقتاله، نعد لنصره عليكم
[ ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت ] أى لن تدفع عنكم جماعتكم التي تستنجدون بها شيئا من عذاب الدنيا، مهما كثر الأعوان والأنصار
[ وأن الله مع المؤمنين ] أى لأن الله سبحانه مع المؤمنين بالنصر والعون والتأييد
[ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ] أى دوموا على طاعة الله وطاعة رسوله، يدم لكم العز الذي حصل ببدر
[ ولا تولوا عنه ] أى لا تعرضوا عنه بمخالفة أمره، وأصله " تتولوا " حذفت منه إحدى التاءين تخفيفا
[ وأنتم تسمعون ] أى تسمعون القرآن والمواعظ
[ ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ] أى لا تكونوا كالكفار الذين سمعوا بآذانهم دون قلوبهم، فسماعهم كأنه معدوم، لأن الغرض من السماع التدبر والاتعاظ
[ إن شر الدواب عند الله ] أى شر الخلق وشر البهائم التي تدب على وجه الأرض
[ الصم البكم ] أى الصم الذين لا يسمعون الحق، البكم أي الخرس الذين لا ينطقون به
[ الذين لا يعقلون ] أى الذين فقدوا العقل الذي يميز به المرء بين الخير والشر، " نزلت في جماعة من بني عبد الداركانوا يقولون : نحن صم بكم عما جاء به محمد " وتوجهوا لقتال الرسول (ص) مع أبى جهل، وفي الآية غاية الذم للكافرين، بأنهم أشر من الدواب والحمير، لأنهم لم يستفيدوا من حواسهم فصاروا اخس من كل خسيس
[ ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ] أى لو علم الله فيهم شيئا من الخير لأسمعهم سماع تفهم وتدبر
[ ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ] أى ولو فرض أن الله أسمعهم -وقد علم أن لا خير فيهم -لتولوا وهم معرضون عنه جحودا وعنادا، وفي هذا تسلية للنبي، على عدم إيمان الكافرين.
البلاغة :
١ - [ أولئك هم المؤمنون ] الإشارة بالبعيد عن القريب لعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في ا لشرف.
٢ - [ لهم درجات عند ربهم ] إستعارة لطيفة، فقد استعار (الدرجات ) للمراتب الرفيعة، والمنازل العالية في الجنة.
٣ - [ كأنما يساقون إلى الموت ] التشبيه هنا تمثيلى، لأنه منتزع من متعدد.
٤ - [ أن يحق الحق ] بينهما جناس الاشتقاق.
٥ - [ ذات الشوكة ] استعيرت الشوكة للسلاح بجامع الشدة والحدة بينهما.
٦ - [ ويقطع دابر الكافرين ] كناية عن استئصالهم بالهلاك.
٧ - [ اذ تستغيثون ] صيغة المضارع لاستحضار صورتها الغريبة في الذهن.
٨ - [ وينزل عليكم من السماء ماء ] تقديم الجار والمجرور على المفعول به للاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر.
٩ - [ إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ] الخطاب للمشركين على سبيل السخرية والتهكم كقوله تعالى [ ذق إنك انت العزيز الكريم ].


الصفحة التالية
Icon