[ وما لهم ألا يعذبهم الله ] وأى شيء لهم في انتفاء العذاب عنهم ؟ وكيف لا يعذبون وهم على ما هم عليه من العتو والضلال ؟
[ وهم يصدون عن المسجد الحرام ] أى وحالهم الصد عن المسجد الحرام، كما صدوا رسول الله، عام الحديبية، وكما اضطروه والمؤمنين الى الهجرة من مكة،
[ وما كانوا أولياءه ] أى ما كانوا أهلا لولاية (المسجد الحرام ) مع إشراكهم
[ إن أولياوه إلا المتقون ] أى إنما يستأهل ولايته من كان برا تقيا
[ ولكن أكثرهم لا يعلمون ] أى ولكن اكثرهم جهلة سفلة، فقد كانوا يقولون : نحن ولاة البيت والحرم، نصد من نشاء، وندخل من نشاء ! ! والغرض من الآية بيان استحقاقهم لعذاب الاستئصال بسبب جرائمهم الشنيعة، ولكن الله رفعه عنهم إكراما لرسوله عليه السلام، ولإستغفار المسلمين المستضفين
[ وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية ] هذا من جملة قبائحهم أى ما كانت عبادة المشركين وصلاتهم عند البيت الحرام الا تصفيرا وتصفيقا، وكانوا يفعلونهما إذا صلى المسلمون ليخلطوا عليهم صلاتهم، والمعنى أنهم وضعوا مكان الصلاة والتقرب الى الله التصفير والتصفيق، قال ابن عباس : كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون
[ فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ] أى فذوقوا عذاب القتل والأسر، بسبب كفركم وأفعالكم القبيحة، وهو إشارة الى ما حصل لهم يوم بدر
[ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ] أي يصرفون أموالهم ويبذلونها لمنع الناس عن الدخول في دين الإسلام، ولحرب محمد عليه السلام، قال الطبري : لما أصيب كفار قريش يوم بدر، ورجع فلهم الى مكة قالوا : يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعنا ندرك منه ثأرا بمن أصيب منا ! ! فنزلت الآية
[ فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ] أى فسينفقون هذه الأموال ثم تصير ندامة عليهم، لأن أموالهم تذهب، ولا يظفرون بما كانوا يطمعون به من إطفاء نور الله، وإعلاء كلمة الكفر
[ ثم يغلبون ] إخبار بالغيب أى ثم نهايتهم الهزيمة والاندحار [ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ]
[ والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ] أى والذين ماتوا على الكفر منهم يساقون الى جهنم، فأعظم بها حسرة وندامة، لمن عاش منهم ومن هلك ! !
[ ليميز الله الخبيث من الطيب ] أى ليفرق الله بين جند الرحمن وجند الشيطان، ويفصل بين المؤمنين الأبرار والكفرة الأشرار، والمراد بالخبيث والطيب : الكافر، والمؤمن
[ ويجعل الخبيث بعضه على بعض ] أى يجعل الكفار بعضهم فوق بعض
[ فيركمه جميعا ] أى يجعلهم كالركام متراكما بعضهم فوق بعض لشدة الازدحام
[ فيجعله في جهنم ] أى فيقذف بهم في نار جهنم
[ أولئك هم الخاسرون ] أى الكاملون في الخسران، لأنهم خسروا أنفسهم وأموالهم.. ثم دعاهم تعالى إلى التوبة والإنابة، وحذرهم من الإصرار على الكفر والضلال، فقال سبحانه
[ قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ] أى قل يا محمد لهولاء المشركين من قومك : إن ينتهوا عن الكفر، ويؤمنوا بالله ويتركوا قتالك، وقتال المؤمنين، يغفر لهم ما قد سلف من الذنوب والآثام
[ وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين ] أى وإن عادوا إلى قتالك وتكذيبك، فقد مضت سنتي في تدمير وإهلاك المكذبين لأنبيائي، فكذلك نفعل بهم ! ! وهذا وعيد شديد لهم بالدمار، إن لم يقلعوا عن المكابرة والعناد
[ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ] أى قاتلوا يا معشر المؤمنين أعداءكم المشركين حتى لا يكون شرك، ولا يعبد إلا الله وحده، قال ابن عباس الفتنة : الشرك، أى حتى لا يبقى مشرك على وجه الأرض، وقال ابن جريج : حتى لا يفتن مؤمن عن دينه