[ ويكون الدين كله لله ] أى تضمحل الأديان الباطلة ولا يبقى إلا دين الإسلام، واضمحلالها إما بهلاك أهلها جميعا، أو برجوعهم عنها خشية القتل، لقوله عليه السلام (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) الحديث
[ فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير ] أى فإن انتهوا عن الكفر وأسلموا فإن الله مطلع على قلوبهم، يثيبهم على توبتهم وإسلامهم
[ وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم ] أى وإن لم ينتهوا عن كفرهم، وأعرضوا عن الإيمان، فاعلموا يا معشر المؤمنين أن الله ناصركم ومعينكم عليهم، فثقوا بنصرته وولايته، ولا تبالوا بمعاداتهم لكم
[ نعم المولى ونعم النصير ] أي نعم الله أن يكون مولاكم فإنه لا يضيع من تولاه، ونعم تعالى أن يكون النصير لكم، فإنه لا يغلب من نصره الله.
البلاغة :
١ - [ يحول بين المرء وقلبه ] الكلام من باب (الاستعارة التمثيلية)، شبه تمكنه تعالى من قلوب العباد وتصريفها كما يشاء، بمن يحول بين الشيء والشيء، وهي استعارة لطيفة.
٢ - [ وإذ يمكر بك ] صيغة المضارع لاستحضار الصورة العجيبة، من تآمر المشركين على صاحب الرسالة عليه السلام.
٣ - [ ويمكر الله ] إضافة المكر إليه تعالى على طريق " المشاكلة " بمعنى إحباط ما دبروا من كيد ومكر، والمشاكلة أن يتفق اللفظ، ويختلف المعنى وقد تقدم.
٤ - [ وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاة وتصدية ] تأمل التعبير الرائع في أسلوب القرآن حيث وضعوا المكاء والتصدية (التصفير والتصفيق ) موضع الصلاة التي ينبغي أن تؤدى عند البيت، فكانوا كالأنعام التي لا تفقه معنى العبادة، ولا تعرف حرمة بيوت الله، وهو على حد قول القائل :" تحية بينهم ضرب وجيع ".
٥ - [ الخبيث من الطيب ] الطيب كناية عن (المؤمن ) والخبيث كناية عن (الكافر) وبين لفظ " الخبيث " و " الطيب، طباق، وهو من المحسنات البديعية.
تنبيه :
روى الحافظ ابن كثير عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال : كنت أصلي فمر بي النبي (ص) فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال : ما منعك أن تأتيني ؟ ألم يقل الله تعالى [ يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ] ؟ ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج، فذهب رسول الله، ليخرج فذكرت له ذلك فقال [ الحمد لله رب العالمين ] هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته. لطيفه : حكي عن معاوية رضي الله عنه أنه قال لرجل من سبأ : ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة! فقال الرجل : أجهل من قومي قومك حين قالوا لرسول الله، حين دعاهم الى الحق [ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ] ولم يقولوا : إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا اليه ! ! فأسكت معاوية رضي الله عنه واخجله.
قال الله تعالى :[ واعلموا أنما غنمتم من شيء.. إلى.. يوف اليكم وأنتم لا تظلمون ] من آية ( ٤١) الى نهاية آية ( ٦٠).
المناسبة :
لما أمر تعالى بقتال المشركين، وذكر فيما تقدم طرفا من غزوة بدر، وكان لا بد بعد القتال من أن يغنم المجاهدون الغنائم - وهي أموال المشركين - على طريق القهر والظفر، ذكر سبحانه هنا حكم (الغنائم ) وكيفية قسمتها، ثم سرد بقية الأحداث الهامة في تلك الغزوة المجيدة " غزوة بدر ".
اللغة :
[ العدوة الدنيا ] عدوة الوادي : جانبه وشفيره، والدنيا تأنيث الأدنى أى الأقرب والمراد ما يلي جانب المدينة
[ العدوة القصوى ] القصوى : تأنيث الأقصى أى الأبعد، وكل شيء تنحى عن شيء فقد قصا والمراد ما يلي جانب مكة
[ نكص ] النكوص : الإحجام عن الشيء


الصفحة التالية
Icon