[ بأنهم قوم لا يفقهون ] الباء سببية أى سبب ذلك بأن الكفار قوم جهلة، لا يفقهون حكمة الله، ولا يعرفون طريق النصر وسببه، فهم يقاتلون على غير احتساب، ولا طلب ثواب، فلذلك يغلبون، قال ابن عباس : كان ثبات الواحد للعشرة فرضا، ثم لما شق ذلك عليهم نسخ، وأصبح ثابت الواحد للاثنين فرضا
[ الآن خفف الله عنكم ] أى رفع عنكم ما فيه مشقة عليكم
[ وعلم أن فيكم ضعفا ] أي وعلم ضعفكم فرحمكم في أمر القتال
[ فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ] أى إن يوجد منكم مائة صابرة على الشدائد يتغلبوا على مائتين من الكفرة
[ وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين ] أى وإن يوجد منكم ألف صابرون في ساحة اللقاء، يتغلبوا على ألفين من الأعداء
[ بإذن الله ] أى بتيسيره وتسهيله
[ والله مع الصابرين ] هذا ترغيب في الثبات وتبشير بالنصر أى والله معهم بالحفظ والرعاية والنصرة، ومن كان الله معه فهو الغالب
[ ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ] عتاب للنبي (ص) وأصحابه على أخذ الفداء والمعنى : لا ينبغي لنبى من الأنبياء أن يأخذ الفداء من الأسرى، إلا بعد أن يكثر القتل ويبالغ فيه
[ تريدون عرض الدنيا ] أى تريدون أيها المؤمنون بأخذ الفداء حطام الدنيا ومتاعها الزائل ؟
[ والله يريد الآخرة ] أى يريد لكم الباقي الدائم، وهو ثواب الآخرة، بإعزاز دينه وقتل اعدائه
[ والله عزيز حكيم ] أى (عزيز) في ملكه، لا يقهر ولا يغلب (حكيم ) في تدبير مصالح العباد
[ لولا كتاب من الله سبق ] أى لولا حكم الله السابق وهو الا يعذب المخطىء في اجتهاده
[ لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ] أى أصابكم في أخذ الفداء من الأسرى عذاب عظيم، وروي أنها لم أنزلت قال عليه السلام " لو نزل العذاب لما نجا منه غير عمر "
[ فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ] أى كلوا يا معشر المجاهدين مما اصبتموه من أعدائكم من الغنائم في الحرب، حال كونه حلالا أى محللا لكم [ طيبا ] أي من أطيب المكاسب، لأنه ثمرة جهادكم، وفي الصحيح " وجعل رزقي تحت ظل رمحي "
[ واتقوا الله ] أى خافوا الله في مخالفة أمره ونهيه
[ إن الله غفور رحيم ] أى مبالغ في المغفرة لمن تاب، رحيم بعباده حيث أباح لهم الغنائم
[ يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى ] أى قل لهؤلاء الذين وقعوا في الأسر من الأعداء، والمراد بهم أسرى بدر
[ إن يعلم الله في قلوبكم خيرا ] أى إن يعلم الله في قلوبكم إيمانا وإخلاصا، وصدقا في دعوى الإيمان
[ يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ] أى يعطكم أفضل مما أخذ منكم من الفداء
[ ويغفر لكم ] أى يمحو عنكم ما سلف من الذنوب
[ والله غفور رحيم ] أى واسع المغفرة، عظيم الرحمة لمن تاب وأناب، قال البيضاوي : نزلت في العباس رضي الله عنه حين كلفه رسول الله (ص) أن يفدي نفسه وابني أخويه " عقيل " و " نوفل " فقال يا محمد : تركتني أتكفف قريشا ما بقيت، فقال : أين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك وقلت لها : إني لا أدري ما يصيبني في جهتي هذه، فإن حدث بي حدث فهو لك ولعيالك ! ! فقال العباس : ما يدريك ؟ قال : أخبرني به ربي تعالى، قال : فأشهد أنك صادق، وأن لا إله إلا الله وأنك رسوله، والله لم يطلع عليه أحد، ولقد دفعته إليها في سواد الليل ! ! قال العباس : فأبدلني الله خيرا من ذلك، وأعطاني زمزم ما أحب أن لي بها جميع أموال مكة، وأنا أنتظر المغفرة من ربي - يعني الموعود - بقوله تعالى [ ويغفر لكم ]
[ وإن يريدوا خيانتك ] وإن كان هؤلاء الأسرى يريدون خيانتك يا محمد، بما أظهروا من القول ودعوى الإيمان
[ فقد خانوا الله من قبل ] أى فقد خانوا الله تعالى قبل هذه الغزوة (غزوة بدر)