[ فأمكن منهم ] أى فقواك ونصرك الله عليهم، وجعلك تتمكن من رقابهم، فإن عادوا إلى الخيانة فسيمكنك منهم أيضا
[ والله عليم حكيم ] أى عالم بجميع ما يجري، يفعل ما تقضي به حكمته البالغة
[ إن الذين آمنوا ] أى صدقوا الله ورسوله
[ وهاجروا ] أى تركوا وهجروا الديار والأوطان، حبا في الله ورسوله
[ وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ] أى جاهدوا الأعداء بالأموال والأنفس، لإعزاز دين الله، وهم المهاجرون
[ والذين آووا ونصروا ] أى آووا المهاجرين في ديارهم، ونصروا رسول الله وهم الأنصار
[ أولئك بعضهم أولياء بعض ] أى أولئك الموصوفون بالصفات الفاضلة بعضهم أولياء بعض في النصرة والإرث، ولهذا آخى، بين المهاجرين والأنصار
[ والذين آمنوا ولم يهاجروا ] أى آمنوا وأقاموا بمكة فلم يهاجروا إلى المدينة
[ ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ] أى لا إرث بينكم وبينهم ولا ولاية، حتى يهاجروا من بلد الكفر
[ وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ] أى وإن طلبوا منكم النصرة لأجل إعزاز الدين، فعليكم أن تنصروهم على أعدائهم لانهم إخوانكم
[ إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ] أي إلا إذا استنصروكم على من بينكم وبينهم عهد ومهادنة، فلا تعينوهم عليهم
[ والله بما تعملون بصير ] أي رقيب على أعمالكم فلا تخالفوا أمره.. ذكر تعالى المؤمنين وقسمهم إلى ثلاثة اقسام :(المهاجرون، والأنصار، والذين لم يهاجروا)، فبدأ بالمهاجرين لأنهم أصل الإسلام، وقد هجروا الديار والأوطان ابتغاء رضوان الله، وثنى بالأنصار لأنهم نصروا الله ورسوله، وجاهدوا بالنفس والمال، وجعل بين المهاجرين والأنصار الولاية والنصرة، ثم ذكر حكم المؤمنين الذين لم يهاجروا، وبين أنهم حرموا الولاية حتى يهاجروا في سبيل الله.. وبعد ذكر هذه الأقسام الثلاثة، ذكر تعالى حكم الكفار فقال سبحانه
[ والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ] أى هم في الكفر والضلالة ملة واحدة، فلا يتولاهم إلا من كان منهم
[ إلا تفعلوه ] أى وإن لم تفعلوا ما أمرتم به، من تولي المؤمنين وقطع الكفار
[ تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ] أى تحصل في الأرض فتنة عظيمة ومفسدة كبيرة، لأنه يترتب على ذلك قوة الكفار وضعف المسلمين، ثم عاد بالذكر والثناء على المهاجرين والأنصار فقال سبحانه
[ والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله ] وهم المهاجرون أصحاب السبق إلى الإسلام
[ والذين آووا ونصروا ] وهم الأنصار أصحاب الإيواء والإيثار
[ أولئك هم المؤمنون حقا ] أى هؤلاء هم الكاملون في الإيمان، المتحققون فى مراتب الإحسان
[ لهم مغفرة ورزق كريم ] أى لهم مغفرة لذنوبهم، ورزق كريم في جنات النعيم، قال المفسرون : ليس في هذه الآيات تكرار، فالآيات السابقة تضمنت (الولاية والنصرة) بين المؤمنين، وهذه تضمنت (الثناء والتشريف )، والرزق الكريم فى دار النعيم
[ والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فاولئك منكم ] هذا قسم رابع وهم المؤمنون الذين هاجروا بعد الهجرة الأولى، فحكمهم حكم المؤمنين السابقين في الثواب والأجر
[ وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ] أى أصحاب القرابات بعضهم أحق بإرث بعض من الأجانب في حكم الله وشرعه، قال العلماء : هذه ناسخة للإرث بالحلف والأخاء
[ إن الله بكل شيء عليم ] أى أحاط بكل شيء علما، فكل ما شرعه الله حكمة وصواب وصلاح، لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد، وهو ختم للسورة في غاية البراعة والإبداع !
البلاغة :