[ واعلموا أنكم غير معجزي الله ] أى لا تفوتونه تعالى وإن أمهلكم هذه المدة
[ وأن الله مخزي الكافرين ] أى مذلهم في الدنيا بالأسر والقتل، وفي الآخرة بالعذاب الشديد
[ وأذان من الله ورسوله الى الناس ] أى إعلام إلى كافة الناس، بتبرىء الله تعالى ورسوله من المشركين
[ يوم الحج الأكبر ] أى يوم عرفة الذي هو أفضل أيام المناسك.. وصف تعالى الحج (بالأكبر) لأن العمرة تسمى (الحج الاصغر)
[ أن الله بريء من المشركين ورسوله ] أى إعلام لهم بأن الله بريء من المشركين وعهودهم، ورسوله بريء منهم أيضا
[ فإن تبتم فهو خير لكم ] أى فإن تبتم عن الكفر ورجعتم إلى توحيد الله فهو خير لكم من التمادي في الضلال
[ وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله ] أى وإن أعرضتم عن الإسلام، وأبيتم إلا الإستمرار على الغي والضلال، فاعلموا أنكم لا تفوتون الله طلبا، ولا تعجزونه هربا
[ وبشر الذين كفروا بعذاب أليم ] أى بشر الكافرين بعذاب مؤلم موجع يحل بهم.. جعل الإنذار بشارة على سبيل الإستهزاء بهم، وفي هذا وعيد عظيم لهم
[ إلا الذين عاهدتم من المشركين ] أى إلا الذين عاهدتموهم ولم ينقضوا العهد فأتموا إليهم عهدهم، وهو استثاء بمعنى الاستدراك أى لكن من وفى ولم ينكث فأتموا إليهم عهدهم، ولا تجروهم مجراهم، ولا تجعلوا الوفى كالغادر
[ ثم لم ينقصوكم شيئا ] أى لم ينقصوا من شروط الميثاق شيئا
[ ولم يظاهروا عليكم أحدا ] أى لم يعينوا عليكم أحدا من أعدائكم
[ فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ] أى وفوا العهد كاملا إلى انقضاء مدته
[ إن الله يحب المتقين ] أى يحب المتقين لربهم، الموفين لعهودهم، قال البيضاوي : هذا تعليل وتنبيه على أن إتمام عهدهم من باب التقوى قال ابن عباس : كان قد بقى لحى من كنانة من عهدهم تسعة أشهر، فأتم (ص) إليهم عهدهم
[ فإذا انسلخ الأشهر الحرم ] أى مضت وخرجت الأشهر الأربعة التي حرم فيها قتالهم
[ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ] أى اقتلوهم في أى مكان أو زمان من حل او حرم،
[ وخذوهم ] أي بالأسر
[ واحصروهم ] أى احبسوهم وامنعوهم من التقلب في البلاد، قال ابن عباس : ان تحصنوا فاحصروهم أى في القلاع والحصون حتى يضطروا إلى القتل او الإسلام
[ واقعدوا لهم كل مرصد ] اي اقعدوا لهم في كل طريق يسلكونه، وارقبوهم في كل ممر يجتازون منه في أسفارهم، وهذا تنبيه على أن المقصود إيصال الأذى إليهم بكل وسيلة بطريق القتال أو بطريق الاغتيال
[ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ] أى فإن تابوا عن الشرك وأدوا ما فرض عليهم من الصلاة والزكاة
[ فخلوا سبيلهم ] أى كفوا عنهم ولا تتعرضوا لهم
[ إن الله غفور رحيم ] أى واسع المغفرة والرحمة لمن تاب وأناب
[ وإن أحد من المشركين استجارك ] أى ان استأمنك مشرك وطلب منك جوارك
[ فأجره حتى يسمع كلام الله ] أى أمنه حتى يسمع القرآن ويتدبره، قال الزمخشري : المعنى إن جاءك أحد من المشركين بعد انقضاء الأشهر، لا عهد بينك وبينه، واستأمنك ليسمع ما تدعو إليه من التوحيد والقرآن، فأمنه حتى يسمع كلام الله ويتدبره ويطلع على حقيقة الأمر أقول : هذا غاية في حسن المعاملة وكرم الأخلاق، لأن المراد ليس النيل من الكافرين، بل إقناعهم وهدايتهم حتى يعرفوا الحق فيتبعوه، ويتركوا ما هم عليه من الضلال
[ ثم أبلغه مأمنه ] أى ثم إن لم يسلم فأوصله إلى ديار قومه التي يأمن فيها على نفسه وماله، من غير غدر ولا خيانة
[ ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ] أى ذلك الأمر بالإجارة للمشركين، بسبب أنهم لا يعلمون حقيقة دين الإسلام، فلا بد من أمانهم حتى يسمعوا ويتدبروا.. ثم بين تعالى الحكمة من البراءة من عهود المشركين فقال


الصفحة التالية
Icon