٣ - [ فاذا انسلخ الاشهر الحرم ] استعارة لطيفة، شبه مضي الاشهر وانقضاءها بالانسلاخ الواقع بين الحيوان وجلده، واستعار الانسلاخ للمضى والانقضاء.
٤ - [ والله عليم حكيم ] ذكر الاسم الجليل مكان الضمير لتربية المهابة وادخال الروعة في القلب.
٥ - [ وأولئك هم الفائزون ] الجملة مفيدة للحصر أى هم الفائزون لا غيرهم، فهو من باب قصر (صفة على موصوف ).
٦ - [ وأقام الصلاة وآتى الزكاة ] في تخصيص الصلاة والزكاة بالذكر تفخيم لشأنهما وحث على التنبه لهما.
٧ - [ برحمة منه ورضوان ] تنكير ألرحمة والرضوان للتفخيم والتعظيم أى برحمة لا يبلغها وصف واصف.
فائدة :
عمارة المساجد نوعان : حسية، ومعنوية، فالحسية بالتشييد والبناء، والمعنوية بالصلاة وذكر الله، وقد ربط الباري جل وعلا بين العمارة والايمان، وفي الحديث (اذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فأشهدوا له بألايمان لأن الله تعالى يقول [ انما يعمر مساجد الله من أمن بالله واليوم الاخر ] فالعمارة الحقيقية بالصلاة وذكر الله.
لطيفة :
ذكر القرطبي ان اعرابيا قدم المدينة المنورة فقال : من يقرئني مما انزل على محمد (ص) فأقرأه رجل سورة براءة حتى اتى الاية الكريمة [ أن الله بريء من المشركين ورسوله ] فقرأها عليه بالجر و " رسوله " فقال الاعرابي : وانا ايضا ابرأ من رسوله، فاستعظم الناس الامر وبلغ ذلك عمر فدعاه فقال يا اعرابي : اتبرأ من رسول الله (ص) ؟ فقال يا أمير المؤمنين : قدمت المدينة فأقرأني رجل سورة براءة فقلت : ان يكن الله برىء من رسوله فانا ابرأ منه، فقال : ما هكذا الاية يا اعرابي ؟ قال : فكيف يا امير المومنين ! فقرأها عليه بالضم [ ورسوله ] فقال الاعرابي : وانا والله ابرأ مما برىء الله ورسوله منه، فامر عمر الا يقرىء الناس الا عالم بلغة العرب.
قال الله تعالى :[ يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اباءكم واخوانكم اولياء.. الى.. ولو كره المشركون ] من اية (٢٣) الى نهاية اية (٣٣).
المناسبة :
لما ذكر تعالى قبائح المشركين، واثنى على المهاجرين المؤمنين، الذين هجروا الديار والاوطان حبا في الله ورسوله، حذر هنا من ولاية الكافرين، وذكر ان الانقطاع من الاباء والاقارب واجب بسبب الكفر، ثم استطرد الى تذكير المؤمنين بنصرهم في مواطن كثيرة ليعتزوا بدينهم، ثم عاد الى الحديث عن قبائح أهل الكتاب للتحذير من موالاتهم، وانهم كالمشركين اعداء يسعون لاطفاء نور الله.
اللغه :
[ اولياء ] جمع ولي : وهو الناصر والمعين الذي يتولى شئون الغير وينصره ويقويه
[ عشيرتكم ] العشيرة : الجماعة التي يعتز ويحتمي بها الانسان، قال الواحدي : عشيرة الرجل اهله الأدنون وهو من العشرة أى الصحبة لأنها من شأن القربى
[ كسادها ] كسد الشيء كسادا وكسودا اذا بار ولم يكن له نفاق
[ عيلة ] فقرا، يقال : عال الرجل يعيل اذا افتقر، قال الشاعر : وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل
[ الجزية ] ما اخذ من اهل الذمة سميت جزية لأنهم اعطوها جزاء ما منحوا من الامن
[ يضاهئون ] يشابهون والمضاهاة : المماثلة والمحاكاة
[ يؤفكون ] يصرفون عن الحق، والافك : الصرف يقال : افك الرجل أى قلب وصرف.
سبب النزول :
قال الكلبي : لما امر رسول الله (ص) بالهجرة الى المدينة، جعل الرجل يقول لابيه واخيه وامرأته : لقد امرنا الله بالهجرة، فمنهم من يسرع الى ذلك ويعجبه، ومنهم من تتعلق به زوجته وولده فيقولون له. ناشدناك الله لا تدعنا من غير شىء فنضيع، فيرق فيجلس معهم، ويدع الهجرة فنزلت الاية تعاتبهم [ يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اباءكم واخوانكم اولياء.. ] الاية.
التفسير :