[ يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا اباءكم واخوانكم اولياء ] النداء بلفظ الايمان للتكريم ولتحريك الهمة للمسارعة الى امتثال اوامر الله، قال ابن مسعود :(اذا سمعت الله تعالى يقول : يا ايها الذين امنوا فارعها سمعك، فانه خير تؤمر به، او شر تنهى عنه ) والمعنى : لا تتخذوا اباءكم واخوانكم الكافرين انصارا وأعوانا تودونهم وتحبونهم
[ ان استحبوا الكفر على الايمان ] أى ان فضلوا الكفر واختاروه على الايمان، واصروا عليه اصرارا
[ ومن يتولهم منكم فاولئك هم الظالمون ] قال ابن عباس : هو مشرك مثلهم، لان من رضي بالشرك فهو مشرك
[ قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم ] أى ان كان هؤلاء الاقارب من (الاباء، والأبناء، والاخوان، والزوجات ) ومن سواهم
[ وعشيرتكم ] أى جماعتكم الذين تستنصرون بهم
[ واموال اقترفتموها ] أى واموالكم التي اكتسبتموها
[ وتجارة تخشون كسادها ] أى تخافون عدم نفاقها
[ ومساكن ترضونها ] أى منازل تعجبكم الاقامة فيها
[ احب اليكم من الله ورسوله ] هذا هو جواب الشرط أى ان كانت هذه الاشياء المذكورة احب اليكم من الهجرة الى الله ورسوله
[ وجهاد في سبيله ] أى وأحب اليكم من الجهاد لنصرة دين الله
[ فتربصوا ] اي انتظروا وهو وعيد شديد وتهديد
[ حتى يأتي الله بأمره ] أى بعقوبته العاجلة او الاجلة
[ والله لا يهدي القوم الفاسقين ] أى لا يهدي الخارجين عن طاعته الى طريق السعادة.. وهذا وعيد لمن آثر اهله، او ماله، او وطنه، على الهجرة والجهاد، ثم ذكرهم تعالى بالنصر على الاعداء في مواطن اللقاء فقال
[ لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ] أى نصركم في مشاهد كثيرة، وحروب عديدة
[ ويوم حنين ] أى ونصركم ايضا يوم حنين، بعد الهزيمة التي منيتم بها بسبب اغتراركم بالكثرة
[ اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا ] أى حين اعجبكم كثرة عددكم فقلتم : لن نغلب اليوم من قلة، وكنتم اثني عشر الفا واعداؤكم أربعة الاف، فلم تنفعكم الكثرة ولم تدفع عنكم شيئا
[ وضاقت عليكم الارض بما رحبت ] أى وضاقت الارض على رحبها وكثرة اتساعها بكم من شدة الخوف
[ ثم وليتم مدبرين ] أى وليتم على ادباركم منهزمين، قال الطبري : يخبرهم تبارك وتعالى ان النصر بيده ومن عنده، وانه ليس بكثرة العدد، وانه ينصر القليل على الكثير اذا شاء، ويخلي القليل فيهزم الكثير، قيل للبراء بن عازب : افررتم عن رسول الله (ص) يوم حنين ؟ فقال البراء : اشهد ان رسول الله (ص) لم يفر، ولقد رأيته على بغلته البيضاء وابو سفيان اخذ بلجامها يقودها فلما غشيه المشركون نزل فجعل يقول : انا النبى لاكذب انا ابن عبد المطلب ثم اخذ قبضة من تراب، فرمى بها في وجوه المشركين وقال : شاهدت الوجوه ففروا، فما بقي احد الا ويمسح القذى عن عينيه، وقال البراء : كنا والله اذا حمي البأس نتقي برسول الله (ص) وان الشجاع منا الذي يحاذيه
[ ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ] أى أنزل بعد الهزيمة الامن والطمانينة على المومنين حتى سكنت نفوسهم، قال ابو السعود : أى انزل رحمته التي تسكن بها القلوب وتطمئن اليها
[ وانزل جنودا لم تروها ] قال ابن عباس : يعني الملائكة
[ وعذب الذين كفروا ] أى بالقتل والاسر وسبي النساء والذراري
[ وذلك جزاء الكافرين ] أى ذلك عقوبة الكافرين بالله.
[ ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء ] أى يتوب على من يشاء فيوفقه للاسلام، وهو اشارة الى اسلام هوازن
[ والله غفور رحيم ] أى عظيم المغفرة واسع الرحمة


الصفحة التالية
Icon