[ يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس ] أى قذر لخبث باطنهم، قال ابن عباس : أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير، وقال الحسن : من صافح مشركا فليتوضأ، والجمهور على ان هذا على التشبيه أى هم بمنزلة النجس او كالنجس، لخبث اعتقادهم وكفرهم بالله، جعلوا كأنهم النجاسة بعينها، مبالغة في الوصف على حد قولهم : علي اسد أى كالاسد
[ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ] أى فلا يدخلوا الحرم، اطلق المسجد الحرام وقصد به الحرم كله، قال ابو السعود : وقيل : المراد المنع عن الحج والعمرة أى لا يحجوا ولا يعتمروا بعد حج عامهم هذا، وهو عام تسع من الهجرة ويؤيده حديث (والا يحج بعد هذا العام مشرك ) وهو العام الذي نزلت فيه سورة براءة، ونادى بها على في الموسم
[ وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ] اي وان خفتم ايها المؤمنون فقرا بسبب منعهم من دخول الحرم او من الحج، فان الله سبحانه يغنيكم عنهم بطريق اخر من فضله وعطائه، قال المفسرون : لما منع المسلمون من تمكين المشركين من دخول الحرم، وكان المشركون يجلبون الاطعمة والتجارات اليهم في المواسم، القى الشيطان في قلوبهم الحزن فقال لهم : من اين تأكلون ؟ وكيف تعيشون ؟ وقد منعت عنكم الارزاق والمكاسب ؟ فأمنهم الله من الفقر والعيلة، ورزقهم الغنانم والجزية
[ ان شاء ] أى يغنيكم بارادته ومشيئته
[ ان الله عليم حكيم ] اي (عليم ) بما يصلحكم، (حكيم ) فيما حكم في المشركين.. ولما ذكر حكم المشركين ذكر حكم اهل الكتاب فقال
[ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ] أى قاتلوا الذين لا يؤمنون ايمانا صحيحا بالله واليوم الاخر، وإن زعموا الايمان، فإن اليهود يقولون عزير ابن الله، والنصارى يعتقدون بالوهية المسيح ويقولون بالتعليث
[ ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ] أى لا يحرمون ما حرم الله في كتابه، ولا رسوله في سنته، بل يأخذون بما شرعه لهم الاحبار والرهبان، ولهذا يستحلون الخمر والخنزير وما شابههما
[ ولا يدينون دين الحق ] أى لا يعتقدون بدين الاسلام الذي هو دين الحق
[ من الذين أوتوا الكتاب ] هذا بيان للمذكورين أى من هؤلاء المنحرفين من اليهود والنصارى الذين نزلت عليهم التوراة والانجيل
[ حتى يعطوا الجزية عن يد ] أى حتى يدفعوا اليكم الجزية منقادين مستسلمين
[ وهم صاغرون ] أى اذلاء حقيرون مقهورون بسلطان الاسلام.. ثم ذكر تعالى طرفا من قبائحهم فقال سبحانه
[ وقالت اليهود عزير ابن الله ] اي نسب اللعناء الى الله الولد، فقالوا : ان عزيرا ابن الله ! ! وهو واحد احد فرد صمد، قال البيضاوي : وانما قالوا ذلك لانه لم يبق فيهم بعد بختنصر من يحفظ التوراة، فلما احياه الله بعد مائة عام، أملى عليهم التوراة حفظا فتعجبوا من ذلك وقالوا : ما هذا الا لانه ابن الله
[ وقالت النصارى المسيح ابن الله ] أى وزعم النصارى-اعداء الله -ان المسيح ابن الله، قالوا : لان عيسى ولد بدون اب، ولا يتصور ان يكون ولد بدون اب، فلا بد ان يكون ابن الله، قال تعالى ردا عليهم
[ ذلك قولهم بأفواههم ] أى ذلك القول الشنيع هو مجرد دعوى باللسان من غير دليل ولا برهان، قال في التسهيل : يتضمن معنيين : احدهما الزامهم هذه المقالة والتأكيد في ذلك، والثاني انهم لا حجة لهم في ذلك، وانما هو مجرد دعوى، كقولك لمن تكذبه : هذا قولك بلسانك
[ يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ] أى يشابهون بهذا القول الشنيع، قول المشركين قبلهم حيث قالوا : الملائكة بنات الله [ تشابهت قلوبهم ] في الكفر والضلال


الصفحة التالية
Icon