[ يا ايها الذين آمنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى الارض ] استفهام للتقريع والتوبيخ، وهو توبيخ على ترك الجهاد، وعتاب لمن تخلف عن غزوة تبوك، والمعنى : ما لكم ايها المؤمنون اذا قيل لكم اخرجوا لجهاد اعداء الله، تباطأتم وتثاقلتم، وملتم الى الدنيا وشهواتها، وكرهتم مشاق السفر ومتاعبه ؟ !
[ أرضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة ] أى ارضيتم بنعيم الدنيا ومتاعها الفاني، بدل نعيم الاخرة وثوابها الباقي ؟
[ فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة الا قليل ] أى فما التمتع بلذائذ الدنيا في جنب الاخرة، إلا شيء مستحقر قليل لا قيمة له، ثم توعد على ترك الجهاد فقال
[ إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ] أى ان لا تخرجوا الى الجهاد مع رسول الله، يعذبكم الله عذابا اليما موجعا، باستيلاء العدو عليكم في الدنيا، وبالنار المحرقة في الاخرة، وقال ابن عباس : هو حبس المطر عنهم
[ ويستبدل قوما غيركم ] اي يهلككم ويستبدل قوما اخرين خيرا منكم، يكونون اسرع استجابة لرسوله واطوع
[ ولا تضروه شيئا ] اي ولا تضرون الله شيئا بتثاقلكم عن الجهاد، فانه سبحانه غني عن العالمين
[ والله على كل شيء قدير ] اي قادر على كل شيء اراده، ومنه الانتصار على الاعداء بدونكم، قال الرازي : وهو تنبيه على شدة الزجر، من حيث انه تعالى قادر لا يجوز عليه العجز، فاذا توعد بالعقاب فعل
[ إلا تنصروه فقد نصره الله ] أى ان لا تنصروا رسوله، فان الله ناصره وحافظه، وجواب الشرط محذوف تقديره : فسينصره الله دل عليه قوله [ فقد نصره الله ] والمعنى : إن لم تنصروه انتم فسينصره الله، الذي نصره حين كان ثاني اثنين، حيث لم يكن معه انصار ولا اعوان
[ إذ أخرجه الذين كفروا ] أى حين خروجه من مكة مهاجرا الى المدينة، وأسند اخراجه الى الكفار، لانهم الجئوه الى الخروج وتآمروا على قتله، حتى اضطر الى الهجرة
[ ثاني إثنين ] اي احد إثنين لا ثالث لهما هو " ابو بكر الصديق "
[ اذ هما في الغار ] أى حين كان هو والصديق مختبئين في النقب في جبل ثور
[ اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا ] أى حين يقول لصاحبه وهو (الصديق ) تطمينا وتطييبا : لا تخف فالله معنا بالمعونة والنصر، روى الطبري عن انس ان ابا بكر رضي الله عنه قال (بينا انا مع رسول الله (ص) في الغار، واقدام المشركين فوق رءوسنا فقلت يا رسول الله : لو ان احدهم رفع قدمه لأبصرنا فقال : يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟) وكان سبب حزن أبى بكر، خوفه على رسول الله، ان يروه فيقتلوه، فطمأنه الرسول تسكينا لقلبه
[ فانزل الله سكينته عليه ] أى انزل الله السكون والطمأنينة على رسوله
[ وأيده بجنود لم تروها ] أى قواه بجنود من عنده من الملائكة يحرسونه في الغار لم تروها انتم
[ وجعل كلمة الذين كفروا السفلى ] أى جعل كلمة الشرك سافلة دنيئة حقيرة، اذل بها الشرك والمشركين
[ وكلمة الله هي العليا ] أى وكلمة التوحيد (لا اله الا الله ) هي الغالبة الظاهرة، اعز الله بها المسلمين، واذل الشرك والمشركين
[ والله عزيز حكيم ] أى قاهر غالب لا يغلب، لا يفعل الا ما فيه الحكمة والمصلحة
[ انفروا خفافا وثقالا ] أى اخرجوا للقتال يا معشر المؤمنين شيبا، وشبابا، مشاة وركبانا، في جميع الظروف والاحوال، في اليسر والعسر، والمنشط والمكره
[ وجاهدوا باموالكم وانفسكم في سبيل الله ] اى جاهدوا بالاموال والانفس لاعلاء كلمة الله


الصفحة التالية
Icon