[ ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ] أى ولو أراد هؤلاء المنافقون الخروج معك للجهاد، او كانت لهم نية في الغزو، لاستعدوا له بالسلاح والزاد، فتركهم الاستعداد دليل على إرادتهم التخلف
[ ولكن كره الله انبعاثهم ] أى ولكن كره الله خروجهم معك
[ فثبطهم ] أى كسر عزمهم وجعل في قلوبهم الكسل
[ وقيل اقعدوا مع القاعدين ] أى اجلسوا مع المخلفين من النساء والصبيان واهل الاعذار، وهو ذم لهم لإيثارهم القعود على الخروج للجهاد، والآية تسلية له (ص) على عدم خروج المنافقين معه، اذ لا فائدة فيه ولا مصلحة، بل فيه الاذى والمضرة ولهذا قال
[ لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ] أى لو خرجوا معكم ما زادوكم الا شرا وفسادا
[ ولأوضعوا خلالكم ] أى أسرعوا بينكم بالمشي بالنميمة
[ يبغونكم الفتنة ] أى يطلبون لكما الفتنة بإلقاء العداوة بينكم
[ وفيكم سماعون لهم ] اي وفيكم ضعفاء قلوب يصغون الى قولهم ويطيعونهم (( وقال مجاهد : المعنى وفيكم عيون يسمعون لهم الأخبار وينقلونها إليهم، والمعنى الأول أظهر وهو الأشهر، واليه ذهب قتادة واختاره ابن كثير ))
[ والله عليم بالظالمين ] أى عالم بالمنافقين علما محيطا بضمائرهم وظواهرهم
[ لقد ابتغوا الفتنة من قبل ] أى طلبوا لك الشر بتشتيت شملك وتفريق صحبك عنك، من قبل غزوة تبوك كما فعل ابن سلول حين انصرف باصحابه يوم احد
[ وقلبوا لك الأمور ] أى دبروا لك المكايد والحيل، وأداروا الآراء في إبطال دينك
[ حتى جاء الحق وظهر أمر الله ] أى حتى جاء نصر الله وظهر دينه، وعلا على سائر الاديان
[ وهم كارهون ] أى والحال أنهم كارهون لذلك لنفاقهم
[ ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ] أى ومن هؤلاء المنافقين من يقول لك يا محمد ائذن لي في القعود، ولا تفتني بسبب الأمر بالخروج، قال ابن عباس : نزلت في " الجد بن قيس " حين دعاه الرسول (ص) الى جلاد بني الاصفر، فقال يا رسول الله : ائذن لي في القعود عن الجهاد ولا تفتني بالنساء
[ ألا في الفتنة سقطوا ] اي الا انهم قد سقطوا في عين الفتنة، فيما ارادوا الفرار منه، بل فيما هو اعظم وهي فتنة التخلف عن الجهاد، وظهور كفرهم ونفاقهم، قال ابو السعود : وفي التعبير عن الافتتان بالسقوط في الفتنة، تنزيل لها منزلة المهواة المهلكة، المفصحة عن ترديهم في دركات الردى اسفل سافلين
[ وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ] اي لا مفر لهم منها لانها محيطة بهم من كل جانب، إحاطة السوار بالمعصم، وفيه وعيد شديد
[ إن تصبك حسنة تسؤهم ] أى ان تصبك في بعض الغزوات حسنة، سواء كانت ظفرا او غنيمة، يسؤهم ذلك
[ وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ] أى وإن تصبك مصيبة من نكبة وشدة، او هزيمة ومكروه يفرحوا به ويقولوا : قد احتطنا لانفسنا واخذنا بالحذر والتيقط، فلم نخرج لقتال، من قبل ان يحل بنا البلاء
[ ويتولوا وهم فرحون ] أى وينصرفوا عن مجتمعهم وهم فرحون مسرورون
[ قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ] أى لن يصيبنا خير ولا ضر، ولا خوف ولا رجاء، ولا شدة ولا رخاء، الا وهو مقدر علينا مكتوب عند الله
[ هو مولانا ] أى ناصرنا وحافظنا
[ وعلى الله فليتوكل المؤمنون ] أى ليفوض المؤمنون امورهم الى الله، ولا يعتمدوا على احد سواه
[ قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ] أى قل لهم : هل تنتظرون بنا يا معشر المنافقين الا احدى العاقبتين الحميدتين : إما النصر، وإما الشهادة، وكل واحدة منهما شيء حسن ! !
[ ونحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده او بأيدينا ] أى ونحن ننتظر لكم أسوا العاقبتين الوخيمتين : ان يهلككم الله بعذاب من عنده، يستأصل به شأفتكم، او يقتلكم بأيدينا


الصفحة التالية
Icon