[ فتربصوا إنا معكم متربصون ] أى انتظروا ما يحل بنا ونحن ننتظر ما يحل بكم، وهو امر يتضمن التهديد والوعيد
[ قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ] أى قل لهم انفقوا يا معشر المنافقين طائعين او مكرهين، فمهما انفقتم الاموال فلن يتقبل الله منكم، قال الطبرى : وهو أمر معناه الخبر كقوله [ استغفر لهم او لا تستغفر لهم ] والمعنى لن يتقبل منكم سواء انفقتم طوعا او كرها
[ إنكم كنتم قوما فاسقين ] تعليل لرد إنفاقهم أي لأنكم كنتم عتاة متمردين خارجين عن طاعة الله، ثم أكد هذا المعنى بقوله
[ وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا انهم كفروا بالله وبرسوله ] أى وما منع من قبول النفقات منهم إلا كفرهم بالله ورسوله
[ ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ] أى ولا يأتون الى الصلاة الا وهم متثاقلون
[ ولا ينفقون الا وهم كارهون ] أى ولا ينفقون اموالهم الا بلإكراه لانهم يعدونها مغرما، قال في البحر : ذكر تعالى السبب المانع من قبول نفقاتهم وهو الكفر، وأتبعه بما هو مستلزم له وهو إتيانهم الصلاة كسالى، وإيتاء النفقة وهم كارهون، لانهم لا يرجون بذلك ثوابا ولا يخافون عقابا، وذكر من اعمال البر هذين العملين الجليلين وهما :(الصلاة، والنفقة) لأن الصلاة أشرف الأعمال البدنية، والنفقة في سبيل الله أشرف الاعمال المالية (( أقول : جعل تعالى المانع من قبول صدقاتهم ثلاثة أمور : الأول : الكفر، الثاني : التثاقل عن الصلاة، الثالث : كراهيتهم للانفاق قي سبيل الله لعدم إيمانهم بوعد الله، وجميعها مخازى وشرور ))
[ فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا ] أى لا تستحسن ايها السامع، ولا تفتتن بما اوتوا من زينة الدنيا، وبما انعمنا عليهم من الاموال والاولاد، فظاهرها نعمة، وباطنها نقمة، انما يريد الله بذلك استدراجهم ليعذبهم بها في الدنيا، قال البيضاوي : وعذابهم بها بسبب ما يكابدون لجمعهما وحفظها من المتاعب، وما يرون فيها من الشدائد والمصائب
[ وتزهق انفسهم وهم كافرون ] أى ويموتوا كافرين مشتغلين بالتمتع بزينة الدنيا، عن النظر في العاقبة، فيشتد في الاخرة عذابهم
[ ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هم منكم ] أى ويقسمون بالله لكم انهم لمؤمنون مثلكم، وما هم بمؤمنين لكفر قلوبهم
[ ولكنهم قوم يفرقون ] أى ولكنهم يخافون منكم ان تقتلوهم كما تقتلون المشركين، فيظهرون الاسلام تقية، ويؤيدونه بالايمان الفاجرة
[ لو يجدون ملجأ ] أى حصنا يلجأون اليه
[ او مغارات ] أى سراديب يختفون فيها
[ او مدخلا ] أى مكانا يدخلون فيه ولو ضيقا
[ لولوا اليه وهم يجمحون ] أى لأقبلوا اليه يسرعون اسراعا، كالفرس الجموح، والمراد من الآية تنبيه المؤمنين الى ان المنافقين لو قدروا على الهروب منهم، ولو في شر الأمكنة وأخسها، لفعلوا لشدة بغضهم لكم، فلا تغتروا بأيمانهم الكاذبة أنهم معكم ومنكم
[ ومنهم من يلمزك في الصدقات ] أى ومنهم من يعيبك يا محمد في قسمة الصدقات
[ فإن اعطوا منها رضوا ] أى فإن اعطيتهم من تلك الصدقات استحسنوا فعلك
[ وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ] أى وإن لم تعطهم منها ما يرضيهم، سخطوا عليك وعابوك، قال المفسرون : كان رسول الله (ص) يقسم غنائم حنين فجاء اليه رجل من المنافقين يقال له (ذو الخويصِرة) فقال : اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، فقال (ص) :" ويلك ان لم اعدل فمن يعدل ؟ "، الحديث
[ ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله ] أى ولو ان هؤلاء الذين عابوك يا محمد رضوا بما اعطينهم من الصدقات وقنعوا بتلك القسمة وِان قلت، قال ابو السعود : وذكرُ الله عز وجل للتعظيم، والتنبيه على ان ما فعله الرسول كان بأمره سبحانه،


الصفحة التالية
Icon