[ وقالوا حسبنا الله ] أى كفانا فضل الله وانعامه علينا
[ سيؤتينا الله من فضله ورسوله ] أى سيرزقنا الله صدقة أو غنيمة اخرى، خيرا واكثر مما آتانا
[ إنا الى الله راغبون ] اي إنا إلى طاعة الله وافضاله وِاحسانه لراغبون، وجواب [ لو ] محذوف تقديره لكان خيرا لهم، قال الرازي : وترك الجواب في هذا المعرض، أدل على التعظيم والتهويل وهو كقولك للرجل : لو جئتنا.. ثم لم تذكر الجواب أى لو فعلت ذلك لرأيت أمرا عظيما، ثم ذكر تعالى مصرف الزكاة فقال :
[ انما الصدقات للفقراء والمساكين ] قال الطبري : أى لا تُعطى الصدقات الا للفقراء والمساكين ومن سماهم الله جل ثناؤه والآية تقتضي حصر الصدقات وهي الزكاة في هذه الأصناف الثمانية، فلا يجوز... يعطى منها غيرهم، والفقير الذي له بلْغة من العيش، والمسكين الذي لا شيء له، قال يونس : سألت إعربيا أفقير أنت ؟ فقال : لا والله بل مسكين، وقيل : المسكين احسن حالا من الفقير، والمسألة خلافية
[ والعاملين عليها ] أى الجباة الذين يجمعون الزكاة
[ والمؤلفة قلوبهم ] هم قوم من أشراف العرب اعطاهم (ص) ليتألف قلوبهم على الاسلام، روى الطبري عن (صفوان بن امية) قال : لقد أعطانى رسول الله (ص) وإنه لأبغض الناس الى، فما زال يعطيني حتى انه لأحب الناس الى
[ وفي الرقاب ] اي وفي فك الرقاب لتخليصهم من الرق
[ والغارمين ] اى المديونين الذين أثقلهم الدينُ
[ وفي سبيل الله ] اىَ المجاهدين والمرابطين وما تحتاج اليه الحرب من السلاح والعتاد
[ وابن السبيل ] أى الغريب الذي انقطع في سفره
[ فريضةَ من الله ] أى فرضها الله جل وعلا وحددها
[ والله عليم حكيم ] أى عليم بمصالح العباد، حكيم لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة، قال فى التسهيل : وإنما حصر مصرف الزكاة في تلك الاصناف ليقطع طمع المنافقين فيها، فاتصلت هذه في المعنى بآية اللمز في الصدقات.
البلاغة :
١ - [ وأعدوا له عُدة ] بينهما جناس الاشتقاق وكذلك في قوله [ اقعدوا مع القاعدين ].
٢ - [ ولأوضعوا خلالكم ] قال الطيبي : في الآية استعارة تبعية حيث شبه سرعة افسادهم ذات البين بطريق النميمة بسرعة سير الراكب، ثم استعير لها الايضاع وهو للإبل، والأصل ولأوضعوا ركائب نمائمهم خلالكم.
٣ - [ وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ] فيه استعارة حيث شبه وقوعهم في جهنم، بإحاطة العدو بالجند، او السوار بالمعصم، وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على الثبات والاستمرار.
٤ - [ ان تصبك حسنة تسؤهم وان تصبك مصيبة.. ] الآية فيها من المحسنات البديعية ما يسمى با لمقابلة.
٥ - [ وعلى الله فليتوكل ] تقديم الجار والمجرور على الفعل لإفادة القصر، واظهار الاسم الجليل مكان الاضمار، لتربية الروعة والمهابة في النفوس.
٦ - [ طوعا أو كرها ] بينهما طباق وكذلك بين الرضا والسخط في قوله [ رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون ]. ٧- [ عليم حكيم ] صيغة فعيل للمبالغة أى عظيم العلم والحكمة.
لطيفة :
قال الزمخشري في قوله تعالى [ وقيل اقعدوا مع القاعدين ] هذا ذم لهم وتعجيز، وإلحاق بالنساء والصبيان الذين شأنهم القعود والجثوم في البيوت على حد قول القائل : دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
تنبيه :
قال ابن كثير : لما قدم النبي (ص) المدينة رمته العرب عن قوس واحدة، وحاربته يهود المدينة ومنافقوها، فلما نصره الله يوم بدر وأعلى كلمته قال ابن أبى واصحابه : هذا أمر قد توجه- يعني أقبل - فدخلوا في الاسلام ظاهرا، ثم كلما اعز الله الاسلام واهله، اغاظهم ذلك وساءهم ولهذا قال تعالى [ حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ]


الصفحة التالية
Icon