قال الله تعالى :[ ومنهم الذين يؤذون النبي.. الى.. من ولي ولا نصير ] من آية ( ٦١) الى نهاية آية (٧٤).
المناسبة :
لا تزال الايات الكريمة تتحدث عن المنافقين توضيحا لخطرهم، وتحذيرا للمؤمنين من مكائدهم، وفي هذه الآيات ذكر تعالى نوعا اخر من قبائحهم، وهو ايذاؤهم للرسول (ص)، واقدامهم على الأيمان الكاذبة، واستهزاؤهم بآيات الله وشريعته المطهرة، الى غير ما هنالك من الاعمال المنكرة، والافعال الخبيثة، التي كان عليها المنافقون !
اللغه :
[ أذن ] شال الجوهري : يقال رجل أذن اذا كان يسمع مقال كل أحد، يستوي فيه الواحد والجمع وقال الزمخشري : الأذن : الرجل الذي يصدق كل ما يسمع، ويقبل قول كل احد، سمي بالجارحة التي هي آلة السماع. قال الشاعر : قد صرت أذنا للوشاة سميعة ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا
[ يحادد ] المحادة : المخالفة والمعاداة كالمشاقة وهي ان يكون كل واحد من المتخاصمين في حد وشق، غير ما عليه صاحبه
[ بخلاقهم ] الخلاق : النصيب كقوله
[ وما له في الآخرة من خلاق ] وقد تقدم
[ وخضتم ] الخوض : الدخول في اللهو والباطل، وهو مستعار من الخوض في الماء
[ حبطت ] بطلت وذهب ثوابها
[ والمؤتفكات ] الائتفاك : الانقلاب ويراد بهم قوم لوط، لأن ارضهم ائتكفت بهم اي انقلبت، وقيل هو مجاز عن انقلاب حالها من الخير الى الشر كقول ابن الرومي : وما الخسف ان تلقى أسافل بلدة أعاليها بل ان تسود الاراذل
سبب النزول :
ا-كان جماعة من المنافقين يؤذون رسول الله ويقولون فيه ما لا ينبغي، فقال بعضم : لا تفعلوا فإنا نخاف ان يبلغه ما تقولون فيقع بنا، فقال " الجلاس بن سويد " : نقول ما شئنا ثم نأتيه فيصدقنا بما نقول، فإنما محمد أذن سامعة، فأنزل الله [ ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن.. ].
ب - قال مجاهد : كان المنافقون يعيبون رسول الله (ص) فيما بينهم ثم يقولون : عسى الله ان لا يفشى سرنا، فأنزل الله [ يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم.. ] الآية.
التفسير :
[ ومنهم الذين يؤذون النبي ] أى ومن المنافقين أناس يؤذون الرسول باقوالهم وافعالهم
[ ويقولون هو أذن ] أى يصدق بكل خبر يسمعه
[ قل أذن خير لكم ] أى هو أذن خير لا أذن شر، يسمع الخير فيعمل به، ولا يعمل بالشر اذا سمعه
[ يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ] أى يصدق الله فيما يقول، ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به، لعلمه إاخلاصهم
[ ورحمة للذين آمنوا منكم ] أى وهو رحمة للمؤمنين، لانه كان سبب إيمانهم
[ والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ] أى والذين يعيبون الرسول ويقولون ما لا يليق بجنابه الشريف، لهم عذاب موجع في الاخرة
[ ويحلفون بالله لكم ليرضوكم ] اي يحلفون لكم انهم ما قالوا شيئا فيه انتقاص للرسول، ليرضوكم بتلك الأيمان
[ والله ورسوله أحق ان يرضوه ] أى والحال انه تعالى ورسوله أحق بالإرضاء، ولا يكون ذلك الا بالطاعة، والمتابعة، وتعظيم أمره عليه السلام
[ إن كانوا مؤمنين ] أى ان كانوا حقا مؤمنين، فليرضوا الله ورسوله
[ ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله ] أى ألم يعلم هؤلاء المنافقون أنه من يعادي ويخالف الله والرسول، والاستفهام للتوبيخ
[ فأن له نار جهنم خالدا فيها ] أى فقد حق دخوله جهنم وخلوده فيها
[ ذلك الخزي العظيم ] اي ذلك هو الذل العظيم، والشقاء الكبير، المقرون بالفضيحة حيث يفتضحون على رءوس الاشهاد
[ يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم ] أى يخشى المنافقون ان تنزل فيهم سورة تكشف عما في قلوبهم من النفاق
[ قل استهزئوا ] أى استهزئوا بدين الله كما تشتهون، وهو امر للتهديد كقوله [ اعملوا ما شئتم ]


الصفحة التالية
Icon