[ إن الله مخرج ما تحذرون ] أى مظهر ما تخفونه وتحذرون ظهوره من النفاق، قال الزمخشري : كانوا يستهزئون بالاسلام ويحذرون ان يفضحهم الله بالوحي، حتى قال بعضهم : والله لا أرانا الا شر خلق الله، ولوددت أني جلدت مائة جلدة، ولا ينزل فينا شيء يفضحنا
[ ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ] أى ولئن سألت يا محمد هؤلاء المنافقين، عما قالوا من الباطل والكذب، في حقك وفي حق الاسلام، ليقولون لك : ما كنا جادين، وإنما كنا نمزح ونلعب، للترويح عن النفس، قال الطبري : بينما رسول الله (ص) يسير في غزوته الى تبوك وبين يديه ناس من المنافقين، فقالوا : انظروا الى هذا الرجل يريد ان يفتتح قصور الشام وحصونها هيهات هيهات ! ! فأطلع الله نبيه فأتاهم فقال : قلتم كذا وكذا فقالوا يا نبي الله : انما كنا نخوض ونلعب فنزلت
[ قل ابالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ] أى قل لهؤلاء المنافقين : أستهزئون بدين الله وشرعه، وكتابه ورسوله ؟ والاستفهام للتوبيخ، ثم كشف تعالى امرهم وفضح حالهم فقال
[ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ] أى لا تعتذروا بتلك الأيمان الكاذبة فإنها لا تنفعكم بعد ظهور أمركم، فقد أظهرتم الكفر بايذاء الرسول بعد اظهاركم الايمان
[ إن نعف عن طائفة منكم ] أى ان نعف عن فريق منكم لتوبتهم وإخلاصهم
[ نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ] أى نعذب فريقا آخر لأنهم اصروا على النفاق والاجرام
[ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ] أى المنافقون والمنافقات صنف واحد، وهم متشابهون في النفاق والبعد عن الايمان، كتشابه اجزاء الشيء الواحد، قال في الكشاف : وأريد بقوله [ بعضهم من بعض ] نفي ان يكونوا من المؤمنين، وتكذيبهم في قولهم [ ويحلفون بالله إنهم لمنكم ] ثم وصفهم بما يدل على مخالفة حالهم لحال المؤمنين فقال
[ يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ] أى يأمرون بالكفر والمعاصي، وينهون عن الإيمان والطاعة
[ ويقبضون أيديهم ] أى يمسكون ايديهم عن الانفاق في سبيل الله
[ نسوا الله فنسيهم ] أى تركوا طاعته، فتركهم من رحمته وفضله، وجعلهم كالمنسيين
[ ان المنافقين هم الفاسقون ] أى الكاملون في التمرد والعصيان، والخروج عن طاعة الرحمن، وكفى به زجرا لأهل النفاق
[ وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم ] أى وعد الله المنافقين والمتجاهرين بالكفر، بإحراقهم في نار جهنم
[ خالدين فيها ] اي ماكثين فيها أبدا
[ هي حسبهم ] أى هي كفايتهم في العذاب، إذ ليس هناك عذاب يعادلها
[ ولعنهم الله ] أى ابعدهم من رحمته واهانهم
[ ولهم عذاب مقيم ] أى دائم لا ينقطع
[ كالذين من قبلكم ] أى حالكم يا معشر المنافقين، كحال من سبقكم من المكذبين، وفيه التفات من الغيبة الى الخطاب
[ كانوا أشد منكم قوة ] أى كانوا اقوى منكم اجساما واشد بطشا
[ وأكثر أموالا وأولادا ] اي وكانوا أوفر اموالا، وأكثر اولادا، ومع ذلك اهلكهم الله، فاحذروا ان يحل بكم ما حل بهم
[ فاستمتعوا بخلاقهم ] أى تمتعوا بنصيبهم وحظهم من ملاذ الدنيا
[ فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم ] أى استمتعتم بملاذ الدنيا وشهواتها كما استمتع اولئك الذين سبقوكم بنصيبهم منها
[ وخضتم كالذى خاضوا ] أى وخضتم في الباطل والضلال، كما خاضوا هم فيه، قال الطبري : المعنى سلكتم ايها المنافقون سبيلهم في الاستمتاع بالدنيا كما استمتع الامم الذين كانوا من قبلكم، وخضتم في الكذب والباطل على الله، كخوض تلك الامم قبلكم، فاحذروا ان يحل بكم من عقوبة الله مثل الذي حل بهم
[ اولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والاخرة ] أى اولئك الموصوفون بما ذكر من قبيح الفعال، ذهبت اعمالهم باطلا، فلا ثواب لها الا النار


الصفحة التالية
Icon