[ فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ] أى فإن رضيتم عنهم فإن رضاكم لا ينفعهم، لأن الله ساخط عليهم، قال ابو السعود : ووضع " الفاسقين " موضع الضمير للتسجيل عليهم بالفسق والخروج عن الطاعة
[ الأعراب أشد كفرا ونفاقا ] الاعراب - اهل البدو - اشد كفرا واعظم نفاقا من اهل الحضر، لجفائهم وقسوة قلوبهم، وقلة مشاهدتهم لاهل الخير والصلاح
[ وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ] أى وهم أولى بألا يعلموا ما انزل الله على رسوله من الاحكام والشرائع، قال في البحر : وانما كانوا اشد كفرا ونفاقا، لفخرهم وطيشهم، وتربيتهم بلا سائس ولا مؤدب، فقد نشأوا كما شاءوا، ولبعدهم عن مشاهدة العلماء، ومعرفة كتاب الله وسنة رسوله، فكانوا اطلق لسانا بالكفر من منافقي المدينة
[ والله عليم حكيم ] أى عليم بخلقه حكيم في صنعه
[ ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ] أى ومن هؤلاء الاعراب الجهلاء، من يعد ما يصرفه في سبيل الله ويتصدق به، غرامة وخسرانا، لانه لا ينفقه احتسابا فلا يرجو له ثوابا
[ ويتربص بكم الدوائر ] أى ينتظر بكم مصائب الدنيا ليتخلص من اعباء النفقة
[ عليهم دائرة السوء ] جملة اعتراضية للدعاء عليهم أى عليهم يدور العذاب والهلاك
[ والله سميع عليم ] أى (سميع ) لاقوالهم (عليم ) بافعالهم
[ ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ] أى ومن الاعراب من يصدق بوحدانية الله وبالبعث بعد الموت، على عكس اولئك المنافقين
[ ويتخذ ما ينفق قربات عند الله ] أى ويتخذ ما ينفق في سبيل الله، ما يقربه من رضا الله ومحبته
[ وصلوات الرسول ] أى دعاء الرسول واستغفاره له
[ ألا إنها قربة لهم ] (ألا) اداة استفتاح للتنبيه على الاعتناء بالامر اي ألا إن هذا الإنفاق قربة عظيمة، تقربهم لرضا ربهم، حيث انفقوها مخلصين
[ سيدخلهم الله في رحمته ] أى سيدخلهم الله في جنته التي اعدها للمتقين
[ إن الله غفور رحيم ] أى غفور لاهل طاعته، رحيم بهم حيث وفقهم للطاعة
[ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ] أى والسابقون الأولون في الهجرة والنصرة، الذين سبقوا الى الايمان من الصحابة ((روي عن الشعبي أنهم الذين بايعوا بيعة الرضوان وقيل : هم الذين صلوا إلى القبلتين وما ذكرناه أنهم جميع الصحابة، وهم السابقون في الهجرة والنصرة، هو ما رجحه الطبري، والشوكاني، واختاره الفخر الرازي، ورجحه على سائر الأقوال ))
[ والذين اتبعوهم بإحسان ] أى سلكوا طريقهم واقتدوا بهم في سيرتهم الحسنة، وهم التابعون ومن سار على نهجهم الى يوم القيامة
[ رضي الله عنهم ورضوا عنه ] وعد لهم بالغفران والرضوان أى رضي الله عنهم وارضاهم، وهذا ارقى المراتب التي يسعى اليها المؤمنون، ويتنافس فيها المتنافسون، ان يرضى الله تعالى عنهم ويرضيهم، قال الطبري : رضي الله عنهم لطاعتهم اياه وإجابتهم نبيه، ورضوا عنه لما اجزل لهم من الثواب على الطاعة والايمان
[ واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار ] أى وأعد لهم في الاخرة جنات تجري من تحت اشجارها وقصورها الانهار
[ خالدين فيها ابدا ] أى مقيمين فيها من غير انتهاء
[ ذلك الفوز العظيم ] أى ذلك هو الفوز الذي لا فوز وراءه، قال في البحر : لما بين تعالى فضائل الاعراب المؤمنين، بين حال هؤلاء السابقين، ولكن شتان ما بين الثناءين، فهناك قال [ ألا إنها قربة لهم ] وهنا قال [ وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار ] وهناك ختم [ إن الله غفور رحيم ] وهنا ختم [ ذلك الفوز العظيم ]
[ وممن حولكم من الأعراب منافقون ] أى وممن حولكم يا اهل المدينة منافقون من الاعراب، منازلهم قريبة من منازلكم
[ ومن أهل المدينة ] أى ومن اهل المدينة منافقون ايضا


الصفحة التالية
Icon